جماعة الرئيس تستشعر الخطر كلما طالت أزمة النفط

+ -

 هاجم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في خطاب تلي باسمه، بمناسبة احتفالات 19 مارس الماضي، بشدة المعارضة بسبب “تسويد الأوضاع في البلاد”، على خلفية التحذير من الاتكال على ريوع النفط في مسعى الحكومة شراء السلم الاجتماعي. بعد هذا الخطاب الناري، الذي شبه فيه المعارضة بالاستعمار، اعترف الوزير الأول بأن الأزمة تزحف فعلا على البلاد بسبب انكماش مداخيل البلاد.ليس المواطن الجزائري بحاجة إلى خبراء حذقين كي يتفطن إلى أن البلاد مقبلة على سنوات عجاف قد تكون تداعياتها على مستوى المعيشة أخطر من أزمة 1986. فبعد هذا التاريخ، اكتشف الجزائريون معنى الندرة في المواد الغذائية الأساسية، وعانوا لسنوات طويلة بسبب الطوابير لشراء الزيت والسكر وغيرها من المواد في “أسواق الفلاح”، التي كانت من المفارقات رمزا للرفاهية والبحبوحة المالية.وإذا كان الفساد والزبائنية وشراء الذمم بأموال النفط أوصافا تمثل أسوأ ممارسات النظام في عهد بوتفليقة، فالتبعية المفرطة للمحروقات لتوفير حاجيات البلاد من غذاء وتجهيزات تعبر عن فشل هذا الرئيس فشلا ذريعا في تسيير شؤون الجزائر. بوتفليقة لم يعجز فقط عن تنويع صادرات البلاد، وإنما تسبب في مضاعفة التبعية للريع النفطي، إلى درجة أن الجزائر “انكشفت عورتها” أمام أول صدمة بترولية.لا أحد يأخذ سلال ولا أي عضو بالحكومة على محمل الجد عندما يقولون إن السلطات العمومية “عازمة على ترشيد النفقات” و”تقليص فاتورة الصادرات” و”ضرورة استهلاك المنتوج الجزائري”، غير الموجود أصلا. لا أحد يصدق بأنهم حاليا بصدد اتخاذ إجراءات لتشجيع الاستثمار ودعم المنتوج المحلي، وما يشبه ذلك من لغة الخشب والشعبوية، لأنهم لم يفعلوا ذلك ما بين 2000 و2013 لما كان سعر النفط في أعلى مستوياته.وقد ثبت أن المسؤولين يرددون هذا الخطاب المزيف عندما يواجهون أزمة تهددهم كأشخاص وتهدد ممتلكاتهم ومناصبهم في السلطة. وهم بذلك يبحثون عن ربح الوقت ريثما تمر العاصفة. وقد جربوا هذا المنطق في التعامل مع الأزمات، في جانفي 2011 عندما هبت على السلطة موجة عنف لم تكن تتوقعها. فكان رد فعل بوتفليقة، على السريع، بأن أمر الوكالة الوطنية لتشغيل الشباب بتلبية كل المطالب مهما كان نوعها، فتم توزيع آلاف المليارات بحجة إنشاء مؤسسات صغيرة. وأعطى تعليمات عاجلة بمنح المفاتيح لمن يترقبون السكنات الاجتماعية حتى لو لم يكتمل إنجازها. فوق ذلك، تعهد بتعديل الدستور المؤجل منذ 1999، وتوسيع مجال الحريات وألغى حالة الطوارئ السارية منذ 1992 ووعد بإصلاحات جوهرية. المهم بالنسبة لبوتفليقة كان أن ينحني أمام الإعصار مؤقتا، حتى لا يفسد عليه مخطط الترشح لعهدة رابعة، ولا يهم بعدها إن نفذ وعوده لأنه يعلم أن الجزائريين سرعان ما ينسون.حاليا أدركت جماعة الرئيس أن وتيرة تآكل احتياطي الصرف ستطول، لوجود مؤشرات بأن سعر النفط لن يتخطى عتبة 60 دولارا في السنوات الأربع المقبلة، لهذا اضطر سلال، أخيرا، إلى قول الحقيقة بأن الكتلة المالية التي تم جمعها في الـ15 سنة الماضية ستنزل إلى 9 مليار دولار عام 2019 بعدما كانت قبل عامين 200 مليار. وأظهر تدوير المناصب والوظائف، بموجب التعديل الحكومي والتغيير في قيادات الشركات والمؤسسات الكبيرة، بأن الحكومة ماضية في ربح الوقت وبأنها لا تملك مخططا للتخلص من الأزمة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: