تضخيم الفواتير والرشوة والتهرب الضريبي آفات تنخر الاقتصاد

+ -

رغم انخراط الجزائر في معظم الاتفاقيات والمعاهدات المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال ومحاربة التهرب الضريبي والجبائي، وانضمامها إلى منظمة “الغافي” الدولية، بالإضافة إلى القانون الأمريكي الصادر في 18 مارس 2010 والمتعلق بالامتثال لرسوم الحسابات الخارجية “فاتكا” والذي دخل حيز التنفيذ في الفاتح جويلية 2014 لمراقبة كافة التعاملات المصرفية، فإن ظواهر تضخيم الفواتير في المعاملات التجارية والرشوة والتهرب الضريبي والجبائي لاتزال تشكل نزيفا حقيقيا، في ظل غياب إرادة فعلية لمواجهتها والحد منها.واستنادا إلى تقارير البنك العالمي ومنتدى الاقتصاد العالمي وصندوق النقد الدولي والشفافية الدولية، فإن هذه المظاهر مطروحة بحدة، وقد صنفت من قبل المتعاملين الاقتصاديين الأجانب في قائمة كوابح الاستثمار في الجزائر في تقرير “مناخ الأعمال” للبنك العالمي. ويشير خبير مالي إلى أن تضخيم الفواتير يسري في الاقتصاديات التي لا تمتلك ضوابط وقواعد قانونية مضبوطة وتترك المجال للعديد من الثغرات التي يستفاد منها، فبالنسبة لعمليات الاستيراد مثلا، غالبا ما يتم اللجوء إلى شبكة العلاقات التي تتيح التصريح بغير القيمة الفعلية أو الحقيقية للصفقة، وبالتالي يتم اقتطاع جزء من القيمة التي يتقاسمها المصدر والمستورد وغالبا ما تحول إلى أرصدة بنكية خارجية دون المرور على الدولة الأصل.وفي غياب تطوير التعاملات العصرية مثل الصكوك وسيادة التعامل بالنقد ونقص الرقابة، فإن الغش والتهرب الضريبي والجبائي متاح في الداخل أيضا، وقد قدر تقرير لمجلس المحاسبة حول تنفيذ ميزانية 2011، حجم الجباية غير المحصلة بحوالي 8000 مليار دينار، وهي تمثل ضعف الإيرادات العامة للدولة سنة 2011 المقدرة بـ3474 مليار دينار، وقدرت مؤخرات عدم تسديد الرسم على القيمة المضافة فقط بـ684 مليون دينار إلى نهاية 2011.واعتبر خبير في المحاسبة والمالية أن التلاعبات المسجلة تضاعف من المديونية الداخلية ما بين 1500 و2000 مليار دينار. أما بالنسبة للرشوة، فإن البنك العالمي يشير في تقرير له إلى أن النسبة المقدرة للعمولات تقارب 6 في المائة من مجموع الصفقات والعمولات التي تسجل.ورغم صعوبة التحديد الدقيق لمثل هذه الظواهر، مع انتشار التعاملات غير الرسمية وتداول ما بين 4000 إلى 5000 مليار دينار خارج نطاق البنوك، فضلا على سيادة السوق الموازية، إلا أن الكشف عن القضايا المتصلة بالفساد يتوالى، إذ تم مؤخرا الكشف عما سمي قضية “سويس ليكس”، وامتلاك عدد من الجزائريين أرصدة غير مصرح بها في البنوك السويسرية، فضلا على تصريحات مسؤولي المالية بوجود نقائص واختلالات وفوارق بين أرقام الأعمال المصرح بها وبين حجم الأعمال، ناهيك عن الفارق بين الجباية البترولية التي تمثل 60 في المائة، بينما تحصيل الجباية العادية يقدر بـ21 في المائة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: