باريس عاصمة الجن والملائكة.. وضحايا الفقر والحروب

+ -

يجري حاليا بقلب العاصمة الفرنسية باريس ضبط مخطط لتفكيك مخيم للمهاجرين المغاربة والأفارقة يضم 150 خيمة تأوي 400 مهاجر غير شرعي، من بينهم نساء وأطفال، الأمر الذي دفع رئيسي المقاطعتين الإداريتين 10 و18، يتقدمهم عمدة باريس، إلى رفع دعوى قضائية على مستوى مجلس قضاء باريس من أجل النظر في قضية هؤلاء المهاجرين، والترخيص لهم كمسؤولين محليين بتفكيك المخيم وترحيل كل من بداخله، مع توفير مأوى لهم، وكذا وضع الجمعيات تحت تصرفهم للتكفل بهم ومتابعة ملفاتهم، حسب وضعية كل واحد منهم، فمنهم من تنطبق عليه مواصفات “اللاجئ”، ومنهم من يتم تطبيق إجراءات الطرد في حقه حسب البلد الذي ينتمي إليه.تنقلت “الخبر” إلى عين المكان واستطلعت الوضع داخل المخيم الذي يفتقر إلى أدنى شروط النظافة. وبمجرد الدخول إليه تتأكد أنك فعلا في حي قصديري يشبه تماما تلك الأحياء التي كنا نراها في الجزائر. أما الفارق الوحيد، هو أن هذه الأخيرة على شكل بناءات فوضوية، في حين وجدنا الآخر عبارة عن خيم بالألوان وفقا للنمط الأوروبي تم نصبها بقلب باريس، على بعد بضعة أمتار من الكتدرائية “ساكري كور” السياحية المحاذية لمقاطعة “مونت مارت” المخصصة للإبداعات الفنية والمعروفة بالإقبال المتزايد للسياح، والقريبة من محطة القطار الشمالية. فقد اختار هؤلاء المهاجرون موقعا إستراتيجيا لحط رحالهم تحت جسر خط السكة الحديدية، بغية شد السلطات من اليد التي توجعها، وذلك من خلال تشويه الصورة الجمالية والسياحية لباريس، الأمر الذي بات يزعج مسؤولي مقاطعتي 10 و18 إلى جانب عمدة باريس، آن إيدالغو، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمنظر الجمالي للعاصمة ويمس راحة السياح، وهو ما يعيه جيدا هؤلاء المهاجرون السريون الذين أرادوا جلب الأنظار إليهم بهدف التكفل بهم بأقصى سرعة، خاصة أنهم على دراية تامة بالآجال الطويلة التي تستغرقها معالجة الملفات والإجراءات المتخذة لاحقا.تشويه الصورة الجمالية والسياحية لباريسوحقا، نجح هؤلاء المهاجرون في تشويه صورة باريس الجمالية لسنة 2015؛ إذ عندما تتجول على حافة الطريق فإنك ترى الأفرشة والأغطية وما شابهها منشورة على السياج الواقي للسكة الحديدية حتى لا يكون هؤلاء أمام مرأى الجميع، وكلما اقتربت أكثر فإنك تستطيع رؤية غسيل الملابس داخل المخيم.عند دخولنا صدمنا بما رأت أعيننا من أوساخ ووضع مزر، وسط خيم صغيرة الحجم لا تأوي شخصا قوي البنية لوحده، لكن يوجد من يتقاسمها مع ثلاثة أشخاص. أما من عنده الأورو، يقول أحد الذين التقتهم “الخبر” من الجزائر، فبإمكانه دفع مبلغ 10 أورو وأخذ الخيمة لوحده، وهو مبلغ قابل للمقايضة. وأوضح محدثنا بأنه لا يرغب في البقاء في فرنسا لما تعرفه من مشاكل اقتصادية وأمنية، وينوي الذهاب إلى ألمانيا، لكن عائق اللغة يقلقه قليلا، لكنه قال إنه لا شيء يقف أمام عزيمته. وأكد جاره بأنه لا ينوي الرحيل، وأن حلمه الوحيد كان الالتحاق بفرنسا. لتتدخل امرأة سورية مع أطفالها الثلاثة بتنهيدة طويلة: “المهم نجونا بأنفسنا من الحرب، فأي بلد نختاره اليوم يبقى خارج الديار وغريبا عنا”، تقول السورية. آخرون تقربنا منهم من المغرب وتونس والسنغال ومالي ونيجيريا وسوريا، والكل قص علينا روايته وتأثرنا بهذه المشاهد الإنسانية، التي اشتركت كلها في عذاب الوصول إلى أوروبا ومعاناة الرحلة السرية الشاقة والمميتة في أغلب الأحيان إلى غاية أن وطأت أرجلهم السواحل الإيطالية، بعدها اتجهوا نحو فرنسا في انتظار العبور إلى إنجلترا.للعلم، فإن فرنسا استقبلت 5000 لاجئ سوري و4500 عراقي، كما تم قبول 14 ألف طلب للجوء من أصل 28 ألف تم الفصل فيها، بعدما تم إيداع 60 ألف ملف تمت معالجة 45 ألف منها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: