+ -

اعتداء بالضرب، تخويف وهجوم بالسيوف، سب وشتم وتهديدات بالقتل.. هي بعض ما يتعرض له العاملون في السلك الطبي وشبه الطبي، خاصة المكلفين منهم بضمان المناوبات الليلية التي يطلق عليها الكثير اسم “جهنم” لفرط ما يلاقونه من أهوال أثناءها خاصة خلال شهر رمضان، والتي ارتأينا أن نقفعلى بعض حيثياتها في الأيام الأولى للشهر الفضيل من خلال شهادات بعضهم.يتعرض الأطباء والممرضون في مصالح الاستعجالات بل وحتى المكلفون بالأمن والحراسة، خاصة خلال المناوبات الليلية، لعنف وضغوط أهالي من هم في حالة إسعاف، حيث يجدون أنفسهم أحيانا كثيرة في مواجهة جماعات مدججة بالسيوف والخناجر لا يملكون إلا الانصياع لطلباتها.قمة العنف تسجل لدى صيام الجزائريينتعرف مظاهر العنف انتشارا واسعا خلال شهر رمضان، خاصة على مستوى بعض الأحياء الشعبية المعروفة التي تشهد المشادات فيها استعمال الخناجر والسيوف، ودليل ذلك ما تشهده يوميا مصالح الاستعجالات قبيل إفطار المغرب بقليل من حالات لأشخاص تعرضوا لاعتداءات بالأسلحة البيضاء، ناهيك عن ضحايا حوادث المرور التي تتزايد في تلك الفترة، وهي الحالات التي أكد لنا البروفيسور محمد غرينيك، رئيس مصلحة استعجالات مستشفى مصطفى باشا الجامعي، أنها تتكرر دوما خلال شهر رمضان الذي يشهد ارتفاعا ملحوظا لمختلف أشكال العنف، موضّحا أن معدل الحالات لا يقل عن الخمسة يوميا، ناهيك عن ضحايا حوادث المرور التي تكون السرعة المعتمدة قبيل الإفطار سببا فيها.كما أوضحت السيدة لارباس كلثوم، رئيسة وحدة الجراحة بمصلحة استعجالات مستشفى مصطفى باشا الجامعي، من جهتها، أنهم يستقبلون يوميا ثلاث إلى خمس حالات عنف تستعمل فيها الآلات الحادة التي كثيرا ما تؤدي بالضحية إلى الموت، مشيرة إلى أن السيوف والخناجر هي الآلات المستعملة وأنه “غالبا ما يصل الضحايا إلى المستشفى والآلات ذاتها مغروزة في أجسادهم”، تقول محدثتنا.وأضافت أن مصلحة الجراحة الصدرية تستقبل أكثر الحالات لأن الضربات تكون عادة على مستوى الصدر، لتردف قائلة إنه عادة ما ينجح الفريق الطبي في إنقاذ حياة من تلقوا الضربات عبر مختلف أنحاء الجسم، خاصة إذا لم تكن عميقة، في حين تكون ضربات القلب قاتلة على العموم.ويظهر أن عصابات بعض الأحياء الشعبية تصنع الحدث، خاصة خلال شهر الصيام، بسبب افتعالها الشجارات المتكررة فيما بينها حتى لأتفه الأسباب، التي عادة ما تنتهي بإصابات خطيرة تكون فيها الخناجر والسيوف سيدة الموقف، لتمثل مصالح الاستعجالات نقطة لمّ شملهم وتصرفاتهم العنيفة. تهديدات وترصد ومحاولات انتقامتتكرر في كل مرة حوادث الاعتداء على عمال المناوبات الليلية بمصالح الاستعجالات، من أطباء وممرضين وأعوان حراسة، وهو ما أكده لنا عدد منهم، مشيرين إلى استحالة العمل في جو مشحون بالضغوط اليومية، إذ يعملون في مرات عديدة تحت تهديدات مرافقي المرضى خاصة في الليل، حيث تقول مختصة في أمراض النساء والتوليد إنها اضطرت خلال إحدى المناوبات للمكوث داخل غرفة الاستعجالات طيلة الليل، ولم تخرج منها حتى لتناول عشائها، بسبب ترصّد أحد أقرباء امرأة حامل لها، وجهتها إلى عيادة نعيمة بحي بلكور لعدم توفر سرير شاغر بمصلحتها. ويروي مختص في الأورام السرطانية بمركز بيار وماري كوري أنه اضطر للاختفاء مدة قاربت الـ10 أيام داخل المستشفى، لاتقاء بطش أبناء مصابة بالسرطان لم يعط لها موعدا قريبا لعلاجها الكيميائي.وبمصلحة استعجالات مستشفى بني مسوس أوضحت طبيبة مناوبة أنها كانت في عديد المرات عرضة لمواقف عنف، اضطرت معها للرضوخ لمطالب مرضى من نوع خاص، ممثلين في متعاطي المخدرات الذين يتعمّدون تشريح أجسادهم ليصطحبهم أصدقاؤهم للاستعجالات، وهنا تبدأ معاناة الطبيب المناوب، تقول محدثتنا، حيث تجد نفسها في كثير من الأحيان تحت رحمة هؤلاء دون توفر للأمن، فمنهم من يطلب منها التمهّل في خياطة جرحه مرددا “بالعقل عليّا ما تقلقينيش.. خليني نستعفى”، و«صدّقوني أرضخ طبعا لتلبية الطلب”. كل هذه الأمور جعلت الأطباء يطلقون على المناوبة اسم “جهنم” ويعملون على تفاديها قدر المستطاع، بدليل أن كثيرا من الأطباء المعنيين بها يدفعون أكثر من مليون ونصف سنتيم لمن يتولاها مكانهم، رغم أن المنحة التي تقدّم لهم عنها لا تتجاوز 1000 دج.من جهة أخرى، أكد إلياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، أن مصالح الاستعجالات تسجل شهريا 15 حالة اعتداء على الأطباء، من بينهم طبيبات حوامل تعرضن للإجهاض بسبب العنف الممارس في هذه المصالح.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: