متقاضون ومجرمون في مواجهة عنيفة مع القضاة

+ -

تشهد مختلف محاكم الوطن حوادث غريبة، أبطالها متقاضين يهينون قضاة ووكلاء جمهورية، أمام العلن، وغالبا ما يكون ذلك أثناء جلسات النطق بالأحكام وما تمخّضت عنه المداولات. وتدفع هذه الحوادث القضاة إلى مطالبة كتّاب الضبط بتحرير ما يسمى في لغة العدالة بـ”إشهاد” على تلك التجاوزات، على أن تتم متابعتهم فيما بعد بتهم مختلفة، كإهانة موظف أثناء تأدية مهامه أو إهانة هيئة رسمية وغيرها.محكمة برج بوعريريج كانت مسرحا للحادثةيستفز القاضي ويطالب باستبداله بصديقه المستشار كانت الغرفة الجزائية بمجلس قضاء برج بوعريريج، مسرحا لحادثة “غريبة” بطلها أحد أطراف الخصومة في إحدى القضايا، إذ تقدم من رئيس الجلسة وأمطره بكلمات غريبة وغير مسؤولة أدخلت القاضي والمتواجدين في القاعة في حالة من الدهشة والذهول، متهما القاضي بـ”التلاعب بقضيته” وطالبه باستبداله بصديقه المستشار. في تفاصيل الحادثة، التي شهدها مجلس قضاء برج بوعريريج في سابقة خطيرة في تاريخ القضاء الجزائري، تجرّأ أحد المتقاضين المدعو “م. م” على انتهاك حرمة الجلسة وتقدم مباشرة إلى رئيس الجلسة “ن.ع” متخطيا الحاجز الخشبي وصرخ في وجهه “القضية محل النظر مخدومة”، مضيفا وهو في حالة غليان “أطلب من المحكمة أن تكلف صديقي المستشار “ب. ح” للنظر في القضية، في إشارة إلى أن علاقة قوية تجمعه مع هذا المستشار، وهو التصرف الذي أدهش الحضور أثناء جلسة المحاكمة، فيما أبدى المحامون والمواطنون على السواء استياءهم من المتقاضي واعتبروه إخلالا بتوازن العدالة.وفي ردة فعل عاجلة تدخل المحامي هشام رمضاني المتأسس لصالح أحد أطراف النزاع في القضية، وطالب القاضي بتحرير إشهاد يوثّق الوقائع، في مبادرة تدل على مساندة بعض المحامين لاشتغال العدالة وتحقيق مبدأ التكامل وليس التنافر مع قطاع العدالة، فيما أكد محامون آخرون بأن الهدف من وراء هذه التصرفات هو التأثير على موضوعية قرار العدالة ونزاهتها قبل صدور الحكم.قاض يترجى متقاض!ولم يفهم متتبعو شأن العدالة في هذه القضية عدم تدخل القاضي رئيس الجلسة بيد من حديد لوقف هذه التجاوزات، مكتفيا باستدعاء المتخاصمين ومحاميهم إلى جلسة سرية بعيدا عن أعين المواطنين، وقام بتهدئة المتقاضي وتوجيهه باتخاذ إجراءات الرد في حق القاضي محل الشبهة، لتعرف القضية منعرجا جديدا حين تم استدعاء القاضي رئيس الجلسة ومساءلته من طرف رئاسة المجلس، ليتم تحويله إلى الغرفة الاجتماعية كمستشار عوض منصب رئيس جلسة فيما سلم النائب العام لدى المجلس القضاء ذاته إشهادا يوثق إهانة المتهم للقضاء ومحاولة التأثير على قرار المحكمة، وهو الإجراء الذي قرأه أوساط الجهاز القضائي على أنه احترافية ويكرس التعاون بين القضاء والمحاماة، في وقت شوّه فيه الكثير من منتسبي مهنة المحاماة وصاروا سماسرة وينسقون مع المتهمين والمتلاعبين بالقانون، وهو الأمر الذي يزعزع مصداقية جهاز العدالة لدى المتقاضي.رشق القاضي بحذاء وبمطاريةومن مشاهد الجرأة في أقصى تجلياتها، تلك التي حدثت بمجلس قضاء العاصمة بتاريخ 16 جانفي 2011، أين قام رائد سابق بالجيش الوطني الشعبي برشق رئيس الجلسة بالغرفة الجزائية الثامنة بحذائه على شاكلة حادثة الصحفي العراقي منتصر الزيدي الذي ضرب الرئيس الأمريكي في 2011 بنعله، وكان المتهم قد سبق وأن قذف النائب العام منذ حوالي ثلاثة  أشهر بمطارية، أثناء مثوله للمرة الثانية أمام محكمة حسين داي لمواجهة تهمة إهانة هيئة نظامية. كما عرفت محكمة عين ولمان بسطيف شهر جوان 2011 حادثة مماثلة قام خلالها متهم بالبصق على القاضي وقذفه بالحذاء مباشرة بعدما سلّط عليه عقوبة سنتين حبسا نافذا عن تهمة النصب والاحتيال، وبمجرد أن سمع المتهم منطوق الحكم، حتى استشاط غضبا وشتم القاضي وبصق عليه على مرآى من الجميع، وراح يردد عبارة “لو سمع الرئيس بوتفليقة بحكمك لأدخلك أنت السجن وأعطاني البراءة”، وواصل المتهم سلسلة تجاوزاته حين حاول الخروج من قفص الاتهام والوصول إلى القاضي قبل أن تتدخل الشرطة وتلقي عليه القبض. وبمجلس قضاء سطيف سنة 2013 رمى متهم رئيس الجلسة بحذاء أصابه مباشرة في الكتف، بحضور المتقاضين وهيئة الدفاع الذين ذهلوا أمام هذا المشهد الذي وصل بالمتقاضي إلى التعدي على حرمة العدالة.“كلنا سواسية يا سيادة القاضي”أحد الشباب مثل أمام محكمة الجنح بمجلس قضاء الجزائر العاصمة بتهمة عدم مراعاة قواعد النظافة في مطعمه، سأله القاضي: “لماذا تركت “الڤرلو” ينتشر في مطعمك؟”، فرد عليه المتهم: “نحن في الجزائر يا سيادة القاضي حتى أنتم تسكن بيوتكم ومطابخكم هذه الحشرات ولو ذهبنا لوجدناها، فلماذا لا تعاقب نفسك أولا؟”، لينفجر الحضور بالضحك، مما أثار غضب القاضي وأمر بحبسه في زنزانة المجلس طيلة اليوم كعقاب له معتبرا إياها “إهانة”.يخطف مسدسا ويحاول قتل القاضيمباشرة بعد نطق القاضي بمحكمة المسيلة سنة 2013  بالإدانة على أحد المتهمين، حتى كادت أن تتحول قاعة المحكمة لمسرح جريمة أخرى، حين خطف قريب متهم مدان مسدسا من شرطي ووجهه نحو القاضي بنية قتله، ولولا تدخل أعوان الشرطة لكانت الكارثة، فأصيب الشرطيان بجروح متفاوتة، وهي نفس الواقعة التي شهدتها إحدى محاكم سطيف سنة 2001 حين فاجأ أحد المتهمين رجال الدرك وخطف منهم رشاشا ووجهه نحو القاضي الذي أغمي عليه فورا، وهي نتيجة معرفة المتهم أن ملفه الجزائي المتهم فيه بتحطيم أملاك الغير.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: