+ -

تتجه الحكومة إلى إلغاء نظام التقاعد النسبي الذي أقرته قبل عشرين سنة بالموازاة مع تطبيق المادة 87 مكرر، لمواجهة الأزمة المالية التي شهدتها البلاد بداية التسعينيات، والتكفل بآلاف العمال المسرحين من المؤسسات الاقتصادية التي تم إغلاقها نهائيا، حيث استفاد العمال المسرحون من معاشات تقاعد خاصة دون أن يستوفوا الشروط القانونية المحددة بـ32 سنة خدمة فعلية، في حين أن التقاعد النسبي لا يشترط إلا سن الخمسين وخدمة فعلية بـ20 سنة.انطلاق اللقاءات الماراطونية التحضيرية نهاية أوت الجاريالحكومة تفصل في قرار إلغاء التقاعد النسبي خلال الثلاثية المقبلةكشف مصدر مسؤول من صندوق التقاعد عن وضعية مالية صعبة تعيشها هذه الهيئة، بسبب التقاعد النسبي الذي أثقل “كاهل” الخزينة، حيث أصبحت عاجزة عن دفع معاشات أكثر من 2.6 مليون متقاعد على المستوى الوطني، ما يفسر قرار الحكومة إعادة فتح ملف إلغاء هذه الصيغة نهائيا، الأمر الذي سيتم مناقشته خلال الثلاثية المزمع عقدها سبتمبر المقبل.قال مصدر مسؤول من الصندوق الوطني للتقاعد إن اللقاءات التمهيدية لاجتماع الثلاثية المزمع انعقادها شهر سبتمبر المقبل، ستنطلق نهاية أوت الجاري. ووصف المصدر الذي تحدث لـ”الخبر” هذه اللقاءات بـ”الماراطونية”، بالنظر إلى جدول الأعمال الذي سيتم مناقشته.وسيتم لأول مرة، منذ سنوات، التطرق إلى الوضعية المالية “الصعبة” لصندوق التقاعد ومدى قدرته على ضمان معاشات جميع منخرطيه البالغ عددهم 2.6 مليون متقاعد على المستوى الوطني.وحسب المصدر ذاته، تلقى مسؤولو الصندوق الوطني للتقاعد مؤخرا تعليمات صارمة من الوزير الأول عبد المالك سلال، للتعجيل في إيجاد موارد مالية جديدة تنقذ هذه الهيئة من الإفلاس، وتمكن من التكفل بمعاشات المتقاعدين خلال السنوات المقبلة.وشددت تعليمات سلال على ضرورة التعجيل في مضاعفة عدد المشتركين في صناديق الضمان الاجتماعي، بهدف ضمان تمويل خزينة الصندوق الوطني للتقاعد، بعد أن أعلنت الحكومة صراحة سياسة التقشف، إثر انهيار أسعار النفط الذي كان يضخ 3 بالمائة من مداخيله للصندوق الاحتياطي للتقاعد سنويا.وقدّرت مصادر مسؤولة من قطاع المحروقات أن تصل مداخيل هذا العام 34 مليار دولار، بعد أن تجاوزت العام الماضي 68 مليار دولار، وهي وضعية مالية صعبة ستؤثر لا محالة على مداخيل صندوق التقاعد الذي سيفقد بذلك أحد مصادر تمويله، حسب ما لمح له الوزير الأول عبد المالك سلال خلال اجتماعه الأخير بمديري البنوك ومسؤولي قطاع التأمينات، ما يفسر قرار الحكومة بإمكانية اللجوء إلى إلغاء التقاعد النسبي كونه استنزف خزينة الصندوق التي أصبحت عاجزة عن دفع معاشات هذه الفئة التي تجاوز عددها مؤخرا نصف مليون متقاعد على المستوى الوطني، أي خمس العدد الإجمالي المقدر بـ2.6 مليون متقاعد. وجاء القرار بعد أن أثبتت الأرقام ارتفاعا كبيرا لعدد المتقاعدين نسبيا، حيث أصبح العمال يلجأون إلى هذه الصيغة بمجرد بلوغهم سن الخمسين شرط أن يكونوا قد استوفوا 20 سنة خدمة فعلية للاستفادة من معاش، وهو ما تؤكده أرقام الصندوق، حيث بلغ عدد المستفيدين من التقاعد النسبي إلى غاية ديسمبر 2014، حوالي 119 ألف متقاعد في الفئة العمرية بين 50 و60 سنة.ويبدو، بناء على ذلك، أن الحكومة التي عجزت عن إعادة النظر في منظومة التقاعد منذ سنوات، لن تجد هذه المرة أي خيار أو بديل سوى اللجوء إلى تغيير القانون بالتخلي عن التقاعد النسبي الذي استنزف خزينة صندوق التقاعد، في إطار مخططها العام التقليص من النفقات العمومية.إجراءان طبقا لمواجهة الأزمة المالية منتصف التسعينياتإلغاء المادة 87 مكرر سيجر وراءه الاستغناء عن التقاعد المسبق يبدو أن إلغاء الحكومة المادة 87 مكرر سيجر وراءه قرارا آخر بالاستغناء عن التقاعد النسبي، باعتبار أن السلطات اهتدت إلى هذين الإجراءين بتوصية من “الأفامي” في نفس الظروف والفترة الزمنية التي رافقتها عمليات واسعة لغلق المؤسسات الاقتصادية وتسريح العمال.فالتقاعد النسبي الذي أصبح يستنزف خزينة الصندوق الوطني للتقاعد، يفسر عجز هذه الهيئة عن دفع معاشات المتقاعدين نسبيا، كونهم يمثلون خمس العدد الإجمالي للمتقاعدين.وكان أحمد أويحيى أول من “بارك” هذه الصيغة منتصف التسعينيات، حينما أمر بغلق المؤسسات الاقتصادية المفلسة بسبب الأزمة المالية التي عصفت بالبلاد وقتها، حيث تم إقرار التقاعد النسبي لامتصاص آلاف العمال المسرحين والتكفل بمعاشات تساعدهم على إعالة عائلاتهم.وكان التقاعد النسبي الصيغة المثالية التي سمحت لكل عامل استوفى سن الخمسين وعشرين سنة خدمة فعلية، بالانخراط في صندوق التقاعد والاستفادة من منحة شهرية على غرار المتقاعدين دون شرط السن، الذين استوفوا 32 سنة خدمة.وكان من المفروض أن يتم الاستغناء عن هذا الإجراء بالموازاة مع إلغاء المادة 87 مكرر التي جاءت في نفس الظروف والوضعية المالية المتأزمة، غير أن العكس هو الذي حصل، حيث أبقت الحكومات المتعاقبة على هذه الصيغة، ما أثقل “كاهل” الصندوق خاصة في السنوات الأخيرة التي شهدت ارتفاعا كبيرا لعدد المتقاعدين نسبيا من جميع القطاعات، خاصة عمال التربية، ليكون أحد أهم مطالب العمال الإبقاء على هذا التقاعد.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: