عصابات شبانية تحكم بأحكامها في الشواطئ

+ -

 موسم الاصطياف بجيجل هو أيضا فرصة لعصابات شبانية تمتهن الاحتيال على المصطافين القادمين من عدة ولايات، بينها من نصّبت نفسها وصية على مواقف السيارات، لدرجة أنها تجبر أصحاب المركبات على دفع ثمن يتراوح بين 100 و200 دينار، بينما استولت عصابات أخرى على مساحات هامة من الشواطئ وفرضت منطقها على الناس، بكراء الخيمة الواحدة بسعر يتراوح بين 1000 و1500 دينار.. وامتد الاحتيال ليشمل كراء المساكن، وذلك بأسعار مجانبة للمنطق، بل وحتى قارورة ماء تباع بسعر 50 دينارا، وذلك على نحو جعل من هذه الولاية وجهة ملعونة لدى البعض ممن جرّبوا الاصطياف بالمنطقة، برغم جمالها.. إنه الوجه الآخر للهمجية التي لم ير مثلها في جيجل من قبل. الزائر لشواطئ ولاية جيجل المتواجدة بناحيتيها، الشرقية أو الغربية، يقف على عملية توافد منقطعة النظير للمترددين على الشواطئ، القادمين خاصة من ولايات شرق البلاد، ولو أن الشواطئ الواقعة إلى غرب الولاية باتت تحتل مكانة امتيازية في مخيال كثير من الناس، على اعتبار أن الكهوف العجيبة تقع بتلك الناحية، وأيضا بحكم نوعية التضاريس الطبيعية أين تعانق الشواطئ الجبال والغابات وتمتزج بالوديان.لكن المد الهائل من الناس المتوافدين على جيجل بحثا عن الراحة والاستجمام والاصطياف، بات محل حسابات في أجندة مجموعات شبانية انتظمت في عصابات تأتي من قلب مدينة جيجل أو من الأحياء التي شيدت بالعوانة والمشاتي والقرى القريبة من الشواطئ، بضرورة الاستثمار في موسم الاصطياف، حتى ولو بطرق خارجة عن القانون.كانت الساعة تشير إلى الواحدة زوالا، عندما وصلنا إلى المدخل الرئيسي لحديقة الحيوانات بالعوانة التابعة لحظيرة تازة. ففيما كانت حشود بشرية مثل أسراب النحل تنزل باتجاه شاطئ برج بليدة، كان العشرات من أصحاب المركبات يبحثون عن أماكن لركن سياراتهم أمام الحديقة، دون جدوى، لأن المساحة المخصصة لركن السيارات قد احتلت منذ الصباح، فما كان على عون أمن الحديقة إلا توجيه أصحاب المركبات إلى حي برج بليدة.في حي برج بليدة، تحوّلت مجموعات شبانية إلى أعوان ينظمون حركة مرور السيارات وركنها، من غير أن يحوزوا على أي رخصة. عندما كنا نهم بركن السيارة بهذا الحي، طلب منا شابان دفع مقابل 100 دينار، فما كان علينا إلا تلبية طلبهما، لكن من غير أن يمنحانا أي تذكرة على نحو ما يقوم به عون أمن الحديقة الذي يأخذ ثمن 50 دينارا عن كل سيارة.هذه المجموعات الشبانية التي اهتدت إلى هذه الطريقة لربح المال، تواصل عملها اليومي بشكل عادي من الصباح إلى غاية ساعة متأخرة من الليل، وذلك في ظل غياب أي رقابة، ما يقود بالتالي إلى التساؤل عن المصير الذي يلقاه المئات من المواطنين المترددين على شاطئ برج بليدة.هذه العصابات الشبانية تربعت على عرش الشواطئ الغربية، وبالغت في احتيالها على الناس. فكما ترويه واحدة من النساء القادمات من العاصمة، أن مجموعة شبانية حاولت إجبارها على دفع 200 دينار ثمنا لركن سيارتها بشاطئ الصخر الأسود، بل وحرمت رفقة عائلتها من اختيار مكان لها على هذا الشاطئ، بحجة أن المكان محجوز، وقالت “إنها محاولة للاحتيال علينا لدفعنا لكراء خيمة بسعر 1500 دينار”.لكن المرأة لم تنصع للأمر الواقع وقصدت عناصر الدرك الوطني، إلا أن ذلك لم يشفع لها في شيء: “فهؤلاء الشبان عندما علموا بأنني أطلعت عناصر الدرك بما حدث، قالوا لي لن يشفعوا لك في شيء.. إنهم أصحابنا”، تضيف. بينما يشير رب عائلة قدم من ولاية باتنة، إلى أنه أرغم على دفع مقابل 200 دينار نظير ركن سيارته لبضع ساعات بالشاطئ الأحمر، المتواجد بإقليم زيامة منصورية.بعض المجموعات الشبانية التي تشتغل بكراء الخيمات بشاطئ برج بليدة، تعترف بأن الاستيلاء على هذه المساحات من الشواطئ ممنوع، ومع ذلك تواصل النشاط خارج القانون، مستغلة فرصة غياب رقابة الدولة، خاصة وأن هذه المجموعات التي انتظمت في عصابات تستغفل المواطنين وتحتال عليهم، وهم الذين قدموا من ولايات بعيدة بحثا عن الراحة، إذ لا يقل سعر كراء خيمة بسيطة عن 1000 دينار، يتم الاحتماء بها من حرارة الشمس لبضع ساعات.هذا الوضع يقود إلى التساؤل عن سبب عدم حماية الشواطئ وتركها في يد مجموعة من العصابات، التي تجهل ثقافة وأبجديات البحر، بدليل أن قارورة ماء تباع في شواطئ برج بليدة، والمنار الكبير، والصخر الأسود وغيرها، بسعر 50 دينارا، وأحيانا بـ70 دينارا. وإلى ذلك، برز نجم سماسرة غامضين ألهبوا سوق كراء السكنات خلال موسم الاصطياف، وتعدت عتبة ما هو معقول.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: