20 أوت تاريخ نهاية الخوف بالنسبة للجزائريين

+ -

 يرى الدكتور احسن تليلاني أن المجاهد المرحوم إبراهيم شيبوط محق ويوافقه الرأي، حين رفض تسمية الأحداث بهجومات 20 أوت 1955، وأصر على تسميتها هجومات 20 و21 و22 أوت 1955، لأن هذه الهجومات لم تقع في يوم واحد فقط، بل وقعت في 3 أيام متتالية، زرع الشعب الجزائري خلالها الرعب في الأوساط الاستعمارية، مضيفا “يعجبني كثيرا رأي المجاهد عمار بن عودة عندما يحدد أهمية تلك الهجومات وآثارها العميقة في مسار الثورة التحريرية، فيذكر أنه قبل وقوع تلك الهجومات كان الجزائري يمشي مطأطئ الرأس خائفا من عساكر الاحتلال ومن المعمرين أيضا، بينما انقلبت الأوضاع بعد الهجومات رأسا على عقب، حيث غيَّر الرعب موقعه، فصار الجزائري يمشي مرفوع الرأس واثق الخطى، بينما صار الاستعماريون خائفين مذعورين، وكلما مروا قرب الجزائريين خافوا منهم، وعليه يمكننا أن نقول بأن تاريخ تلك الهجومات هو نفسه تاريخ نهاية الخوف بالنسبة للجزائريين، وبداية الذعر بالنسبة لدوائر الاحتلال وللمعمرين الذين شرعوا فعلا في مغادرة أرض الجزائر، لأنهم أيقنوا بأن حياتهم في أرض الأحلام كما يسمونها قد انتهت وإلى الأبد.ويذكر الدكتور تليلاني أن هناك الكثير من الأشياء الرمزية التي وقعت خلال تلك الهجومات، منها مثلا أن إعلان انطلاق الهجومات كان في منتصف النهار، وهذا يعني أن الثورة التحريرية قد كشفت عن وجهها، وصار التحدي الجزائري جهارا نهارا كما يقال. ومنها أيضا أن إعلان انطلاق تلك الهجومات في سيدي مزغيش كانت بواسطة إعلان الأذان بتراتيل الله أكبر الله أكبر، وهذا يعني أن البعد الإسلامي في الثورة الجزائرية كان له حضوره القوي والفاعل، لذلك جاءت مصطلحات المجاهد والشهيد. ومنها أيضا أن المجاهدين والمناضلين في منطقة الحروش، قاموا بمهاجمة الساعة الجدارية الضخمة المعلقة على جدار البلدية، وهو مشهد شاعري رائع جدا له معنى جميل وعميق، يتمثل في إيقاف الزمن الاستعماري، وبالفعل فإن تلك الساعة مازالت إلى اليوم في سراديب مخازن البلدية، لم تتحرك عقاربها دقيقة واحدة منذ أن أطلق عليها المجاهدون الرصاص خلال هجومات 20 و21 و22 أوت 1955، رغم المحاولات العديدة لإصلاحها. ومنها أيضا ذلك المشهد الرهيب الذي قام به الشهيد سي محمد الرواية في سيدي مزغيش، عندما أظهر سلاحه في وجه عساكر الاحتلال وتحداهم واشتبك معهم في معركة بطولية تتجاوز خيال السينما الأمريكية، فصنع فرجة للأعداء والأصدقاء وقاتل ببسالة حتى استشهد. “الحقيقة أن التضحيات في تلك الهجومات كانت جسيمة، لكن جدار الخوف انكسر، والثورة تحررت، والقطيعة النهائية مع الاستعمار صارت واقعا مشهودا، ولذلك أعتقد أن انتصار الثورة الجزائرية قد تحقق منذ تلك الهجومات الخالدات”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: