قطار "دوڤة دوڤة" وصبر "أيوب" في الحافلات و"الطاكسي المجنون"

+ -

 رغم وعود السلطات العمومية ووزراء النقل المتعاقبين على هذا القطاع الحيوي في البلاد بتحسين خدمات النقل، ورغم تدعيمها أيضا بوسائل حديثة كالميترو والتراموي، إلا أن الأوضاع مازالت على حالها ويبقى المواطن المتضرر الأول من تردي خدمات النقل المختلفة، سواء أكانت بالقطار أو بالحافلة وحتى بسياراته الخاصة.مكنتنا الجولة التي قمنا بها عبر مختلف وسائل النقل من الوقوف عند حجم الكارثة ومعايشة الكابوس الذي يطارد يوميات المواطن منذ لحظات خروجه من المنزل، وتزيد معاناة الجزائري حافلة تنقلك نحو محطة القطار، فالسائق يأخذ كامل وقته كلما توقف في إحدى المحطات لشحن حافلته بأكبر عدد من الركاب، بينما تبقى ماكثا في مكانك تصارع الزمن، خوفا من أن يفوتك القطار المتوجه نحو العاصمة، وبمجرد أن تطأ قدماك محطة القطار يصدمك مشهد جمع غفير من الركاب يوحي لك بوجود خلل ما، سواء تعلق بإلغاء الرحلة السابقة أو إضراب مفاجئ لعمال السكة الحديدية من دون أي إشعار أو انقطاع في الكهرباء أو ربما قطار “الدوقة دوقة” فعلها، وما عليك ساعتها إلا التحلي بصبر أيوب لاستفتاح نهارك.تلك ظروف تجعل القطار يمتلئ عن آخره بالركاب، خاصة في الفترات الصباحية، حيث تكون الوجهة نحو مناصب العمل. وببطء شديد، يتقدم القطار لتبدأ معركة التدافع، فالكل يريد حجز مكان له وغالبا ما ينشب نزاع بين الركاب جراء اصطدام النازلين بالصاعدين والمشهد يتكرر في كل محطة لعدم قدرته على استيعاب العدد الكبير من المسافرين الذين يسدون أبوابه الأوتوماتيكية ويشلون حركة سيره. ولا يمكن الحديث عن المتاعب التي يعانيها المواطن يوميا أثناء ارتياده مختلف الوسائل من دون الحديث عن تعكر الجو داخله وما يصاحبه من ضيق نفس ببلوغ الحرارة ذروتها، ناهيك عن المضايقات التي يعانيها الجنس اللطيف جراء اختلاطهم بالجنس الآخر.  وللحافلات الخاصة حديث آخر، فإن سعفك الحظ في ركوب حافلة حالها جيد، ستشد حزامك حتى نهاية الرحلة، بسبب السرعة المفرطة والمناورات الخطيرة التي يقوم بها أغلب السائقين، وعليك أن تمسك جيدا بالمقبض المتسخ الذي نادرا ما يتم تنظيفه، لتفادي سقوطك على باقي المسافرين عندما يدوس السائق على الفرامل بشكل مفاجئ، كما أنه يحق للسائق إنزالك في المكان الذي “يساعده” وليس بالضرورة أمام موقف الحافلات.هذه الوضعية يعرفها النقل بسيارات الأجرة أيضا، فالذين ينفد صبرهم من طول انتظار انطلاق الحافلة يضطرون لركوب سيارة “الطاكسي” وهنا يفرض سائقوها منطقهم وقوانينهم الخاصة بهم ويختارون بأنفسهم الاتجاهات التي يرونها مناسبة، رغم أن القانون واضح ويفرض على السائقين السير في جميع الاتجاهات. والمفروض أن يركب الزبون مباشرة في السيارة من دون استشارة السائق بغض النظر عن الوجهة.في السياق ذاته، فإن أغلب المواطنين القاطنين بالضفة الشرقية للعاصمة الذين استبشروا خيرا ببعث مشاريع التراموي، اصطدموا بمشكل الزحام داخله والتعرض لبعض المضايقات خاصة النساء منهم، كما تحولت نعمة “التراموي” إلى نقمة بسبب كثرة الإلغاءات المفاجئة للرحلات وشل حركته لمدة تفوق 4 ساعات لأسباب مختلفة خاصة في فصلي الخريف والشتاء حينما تتساقط الأمطار فتشل حركة السير، أو أثناء مباريات كرة القدم، حيث يتوقف التراموي بسبب أعمال الشغب التي يسببها بعض أنصار الفرق العاصمية.وعندما يسدل الليل ستاره، تصبح الجزائر مثل الجزيرة المعزولة عن العالم، تتوقف فيها وسائل النقل، فتجد نفسك مجبرا على المكوث في البيت والتخلي عن جميع التزاماتك، وإن استعصى خروجك لسبب أو لآخر تصبح طعما لذيذا لسائقي “الكلونديستان” الذين يفرضون منطقهم ليلا ويحتكرون خدمة النقل، لا يشغلون محرك سيارتهم تحت سقف 400 دينار جزائري كحد أدنى، أو تستسلم لإحدى سيارات الأجرة وتضطر لدفع مبلغ باهظ يخضع لمعايير أسعار الليل، كحال أحد المواطنين الذي وجد نفسه مرغما على دفع مبلغ 400 دينار جزائري مقابل نقل رضيعه في عز الشتاء إلى إحدى العيادات التي لا تبعد عن حيه إلا بأمتار.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: