38serv

+ -

يصحو الجزائريون على وقع تصريحات يومية لوزراء يوزعون فيها مختلف الوعود بشأن السكن والشغل والصحة والأسعار، فيتلقفها المواطن البسيط باهتمام ويبني عليها يومياته معلَقا على مشجب الانتظار، وما يلبث أن يكتشف أن كلمات المسؤول ظرفية وعابرة تأخذ شكل مسكنات سرعان ما يتلاشى مفعولها. يطل الوزير الأول عبد المالك سلال عبر شاشات التلفاز، ويشرع في توزيع الوعود على المواطنين من توفير السكن واستحداث كبرى المشاريع التنموية والزيادة في الرواتب، مع تلبية المطالب التي ترفعها النقابات في احتجاجاتهم التي تشتعل فجأة، تاركا وراءه أحلاما تنتظر التنفيذ على أرض الواقع.ويستيقظ الجزائريون في الغالب على وقع تصريحات الوزير الأول المستوحاة من عمق الشارع، جازما بإتمام مشاريع انتظرها الزوالية مطولا في تاريخه المحدد، في حين يأتي التاريخ ولا يكون المشروع جاهزا وهو ما حدث مع الطريق السيار شرق-غرب.أحلام اليقظةوبتعليماته الارتجالية يأمر سلال في خرجاته الميدانية الولاة والمديرين المركزيين وإطارات الدوائر الوزراية، بإقامة مشاريع جديدة أو التعديل في أخرى في طور الإنجاز، مع استحداث مدن جديدة أو مشاريع سكنات في شكل استعراض عضلات أمام المواطنين، وهي “الأقاويل” التي يتلقّفها المواطن الجزائري بلهف ويبني عليها “أحلامه الوردية”، لكن سرعان ما تتحول إلى كوابيس بعد توالي الأيام والشهور، ويكتشف أنها كلمات عابرة أطقها الوزير الأول للاستهلاك الإعلامي ليس إلا.وما أن يختفي سلال، حتى يأتي وزير الصحة عبد المالك بوضياف ليزرع هو الآخر الأمل في المرضى الذين يئنون في أروقة المستشفيات منتظرين وصول أدوارهم.ومن بوابة أخرى يخرج وزير العمل مطَمئنا بشأن التوظيف، ثم وزير التجارة ملوحا بانخفاض الأسعار، فيتابع المواطن ومضاتهم. ويمثل السكن والشغل والأسعار ومشاريع النقل الكبرى مربعا يصول فيه الوزراء بتصريحاتهم ويقذفون بها في شكل مسكنات لجموع الشرائح التي تشهد غليانا بسبب مطالبهم، حتى تهدأ ثائرتهم ويكتشفوا أن تلك التصريحات ليست إلا مهدئا ظرفيا حتى يزول الغضب وتلين النفوس لقدر محتوم.مثلث السكن والعمل والأسعاروزير السكن هو الآخر يبني للمواطن قصورا من وهم بتصريحات متواترة ومضبوطة بجدول زمني محكم، يتابعها “الزوالي” باهتمام كلما أطل الوزير على أعمدة الجرائد أو ظهر على شاشات القنوات، وما يلبث أن يقتنع بأنها سراب، وسكنات عدل 2001 و2002 مثال على ذلك، وكذلك خرجات الوزير حول سكنات عدل 2.وتعوّد تبون منذ استيزاره على تسيير ملف السكن وتجميله بكل أنواع المساحيق وبخياطة قميص لائق لتغطية عجز الحكومات المتعاقبة على إنهاء واحتواء أزمة السكن التي جثمت على صدور الجزائريين لسنوات، أو أريد بها أن تلازمهم لحاجة في نفس يعقوب.المادة 87.. مخاض عسير لولادة فأروعاشت شرائح واسعة من الموظفين في الإدارات والعمال الكادحين في الموانئ والمصانع والشركات العمومية والمحاجر والمشاريع العمومية على أعصابهم لشهور عدة ينتظرون نهاية مسلسل عنوانه “إلغاء المادة 87 مكرر”، ليصطدموا بزيادات لا تتجاوز 3 آلاف دينار جزائري.ونثر الوزراء تصريحاتهم بشأن هذه “المادة الشهيرة” في مختلف الاتجاهات، والتقطها المواطنون خاصة عندما صرح سلال في أفريل الفارط أن “تكلفة هذه الزيادة تقدر بـ30 مليار دينار سنويا تقع على عاتق الدولة”، مضيفا أن هذه الزيادة ستسمح بتحسين الوضع المعيشي للمتقاعدين، غير أن التصريحات لن تخفف من حدة جوعهم لمعرفة الحقيقة.التوظيف.. صنارة الوزراءوبمجرّد الإعلان عن مسابقات التوظيف على مستوى الإدارات المحلية والمركزية، يرتسم في الأفق الأمل لدى آلاف الشباب البطال في الحصول على وظيفة يؤمن من خلالها مصاريف الحياة والتخطيط لمستقبل أحسن، ويطاوع خياله في رسم أحلامه على مدار شهور، لكن سرعان ما تتبدد أحلامه وتتحول إلى كوابيس ويعيد التاريخ نفسه العام المقبل، حيث يطيل الوزراء في تصريحات جديدة، واعدين بتنظيم مسابقات توظيف أخرى خلال الدخول الاجتماعي المقبل، لتبدأ رحلة التمني والخيال من جديد، يطوف فيها المترشحون الإدارات لجمع ما تيسر من وثائق تبقى حبيسة الأدراج.مفاجأة بن غبريتأما مفاجأة الدخول المدرسي لهذه السنة، فكانت لوزيرة التربية نورية بن غبريت التي لعبت جيدا على أعصاب مختلف تركيبات المجتمع الاجتماعية والسياسية والثقافية، بفتحها موضوع التعليم بالاستعانة بالعامية الذي تخطى القطر الوطني وتداولته القنوات الأجنبية بإسهاب، وهو ما دفع الوزير الأول للتدخل لإنهاء حالة الجدل التي يبدو أنها لا تزال قائمة إلى ما بعد الدخول المدرسي القادم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: