+ -

 على الرغم من مساعي الحكومة لإيهام المواطنين بكون الجزائر في منأى عن أزمة اقتصادية أصبحت قاب قوسين أو أدنى، بفعل تهاوي أسعار النفط في العالم وسقوط الشجرة التي كانت تغطي الغابة، إلا أنها تظل غير قادرة على إخفاء حالة الطوارئ التي تعيشها السلطة، فيما تكتفي بالحلول الترقيعية الظرفية، معتمدة على قرارات تقليص الإنفاق العمومي من جهة والاغتراف المتواصل من احتياطيات الصرف الوشيكة على النفاد من جهة أخرى.وتؤكد الأرقام الرسمية التي تنشرها الدوائر الوزارية للحكومة ذاتها، على أن القطاعات الاقتصادية المستفيدة من الملايير، في شكل ميزانيات سنوية أو امتيازات وإعفاءات جبائية، غير قادرة على إيجاد البديل لتضاؤل مداخيل الخزينة العمومية المتأتية من الريع البترولي، من منطلق أن القطاع الصناعي الذي تعول الحكومة على تنميته يعاني من عجز يقدر بـ60 في المائة، إذ لا يغطي الإنتاج الصناعي الوطني، حسب تصريح أخير لوزير الصناعة والمناجم، عبد السلام بوشوارب، سوى 40 في المائة من الاحتياجات الوطنية.وفي وقت تعمل الحكومة على إعادة هيكلة القطاع الصناعي العمومي مجددا عبر خلق المجمعات الصناعية الكبرى، بدلا من شركات مساهمات الدولة، في محاولة لمنح نفس جديد للمؤسسات العمومية، فضلا عن الخطوات والتدابير الرامية لتحسين مستوى الشراكة بين الشركات العمومية والخاصة، يبقى النشاط الصناعي الوطني لا يمثل إلا أقل من 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، ما جعل النسيج الصناعي الوطني يصنف ضمن القطاعات الهشة، بالنظر إلى العديد من المعطيات، أبرزها عدم القدرة على خلق الثروة ومناصب الشغل، بالإضافة إلى ارتفاع نسبة توقف المؤسسات الصغيرة الخاصة عن النشاط، واستنجاد المؤسسات العمومية مرارا بإعانات من الخزينة لضعف قدرتها التنافسية.وعلى صعيد آخر، تصطدم التدابير الحكومية المتعلقة بضرورة تقليص فاتورة الواردات بواقع قطاع فلاحي غير قادر على تأمين الاحتياجات الوطنية من المواد الغذائية الأساسية، بالرغم من الامتيازات المقررة لفائدة الفلاحين ومسح الديون المترتبة عليهم، حيث تؤكد الأرقام الرسمية أن واردات الحبوب مثلا بلغت خلال السداسي الأول من السنة الجارية 1,89 مليار دولار مقابل 1,77 مليار دولار، سجلت خلال نفس الفترة من 2014، وهو ما يمثل ارتفاعا يقدر بـحوالي 4 في المائة، وعرفت الكميات المستوردة نفس الاتجاه، حيث بلغت قرابة 6,93 مليون طن مقابل 5,86 مليون طن بزيادة تصل إلى 18 في المائة، وهي الوضعية التي تفرض على الحكومة إعادة ضخ الأموال الناتجة عن “التقشف” لشراء غذاء الجزائريين، مدفوعة بضرورة الحفاظ على السلم الاجتماعي.وبالموازاة مع ذلك، تعاني السلطات العمومية لتغطية التكاليف الموجهة لمشاريع سطرتها القطاعات الوزارية ضمن المخططات الخماسية، وتقرر تبعا لذلك تأجيل المشاريع التي لم تنطلق بعد على أرض الواقع، في مجالات السكن، الأشغال العمومية، الموارد المائية والنقل وغيرها، للتخفيف من النفقات الموجهة لإنجازها، في حين أنفقت الخزينة العمومية الملايير الإضافية على مشاريع ذات فواتير مضخمة، على غرار مشروع الطريق السيار الذي فضحته متابعات قضايا الفساد تورط فيها موظفون في وزارة الأشغال العمومية و7 شركات أجنبية، حيث كانت قدرت تكلفة المشروع الذي أطلق سنة 2004 بداية الأمر بـ7,5 مليار دولار لترتفع إلى 11,5 مليار دولار عند منح المشروع لشركتين يابانية وصينية، لتتجاوز كلفته بعد ذلك الـ13 مليار دولار بحسب وزير الأشغال العامة السابق، عبد القادر قاضي، فيما تتحدث مصادر أخرى عن أرقام تتجاوز الـ20 مليار دولار، وبصرف النظر عن الاختلالات والتجاوزات التي تضمنها ما أطلق عليه بمشروع القرن.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: