+ -

تغيّرت سلوكيات الأولياء جذريا إزاء أبنائهم التلاميذ في السنوات الأخيرة. فبعدما كانوا لا يكلفون أنفسهم عناء متابعة شؤون أبنائهم الدراسية داخل وخارج المؤسسات التربوية، وكذا  علاقاتهم بالمعلمين والأساتذة، مكتفين بتوفير لهم المأكل والملبس، أضحوا الآن أكثر اهتماما بأدق تفاصيل الحياة الدراسية لأبنائهم التلاميذ، لدرجة التدخل في طريقة تدريس الأساتذة وعلاقة أبنائهم بهم. يقول ”محمد.م”، وهو ولي تلميذ: ”كان الآباء يتعاطون مع موضوع دراسة أبنائهم بلامبالاة، إلى درجة يجهلون حتى الطور الذي يدرس فيه أبناؤهم ويتركونهم يواجهون الحياة الدراسية والاجتماعية بكل ما فيها من مخاطر، خاصة وأنه ينفق كل وقته في تحصيل لقمة العيش، وهو النمط الذي عشته في الماضي.. غير أنني لم أستنسخه على أولادي بتجاهل عالمهم الدراسي والاجتماعي، وحتى النفسي، بل أحاول الإلمام بكل تفاصيل حياتهم الدراسة وجوانبها النفسية والبيداغوجية، كما أسعى إلى الإطلاع على أحدث التقنيات في مجال التلقين والتحصيل العلمي لتسهيل المهمة عليهم.إلى أروقة المحاكمومع فتح أبواب المؤسسات التربوية، أمس، حيث أحضر الأولياء أولادهم الناجحين في شهادة التعليم الابتدائي وكذا المتوسط قصد تسجيلهم، تحدثت ”الخبر” معهم ونقلت رأيهم وطبيعة علاقتهم بأبنائهم. وبمجرد أن فتحنا معه الموضوع، استرسل ولي تلميذ يدرس في ثانوية مقراني ببلدية بن عكنون في العاصمة قائلا: ”أهتم كثيرا بالحياة الدراسية لابني، بل وعلاقاته بأساتذته، وذات مرة استأت من نتائجه في مادة الرياضيات، فاتصلت مباشرة بأستاذه لمعرفة أسباب تدني النقاط، وكذا طريقة تعامله مع ابني، لاكتشف أن هناك سوء تفاهم مع الأستاذ داخل القسم، تطور مع مرور الوقت ليؤثر على نتائج التلميذ، هنا اتصلت بالمديرة وأخبرتها بما يحصل، متجنبا مجادلة الأستاذ مخافة تشويه العلاقة أكثر. وبالموازاة، فتحت الحديث مع ابني لتهدئته وإخراجه من دائرة المشاحنات.يحشرون أنوفهم في كل شيء!وفي حادثة وقعت بولاية سوق أهراس، انحرفت علاقة بين ولي تلميذ والأستاذ إلى أن دخلت أروقة المحكمة، بسبب تمادي الولي في ”حشر أنفه” في شؤون ابنه الدراسية، ووصل به الحال في إحدى زياراته للمدرسة إلى اقتراح على الأستاذ كيفية تلقين التلاميذ الدروس، مستشهدا بالمناهج العلمية في الخارج، وهو ما لم يهضمه المدرّس، لينفجر غاضبا في وجه الولي وتحوّل الغضب إلى ملاسنات في ساحة المدرسة.وفي الجنوب الجزائري، وبالتحديد في غرداية، قال أحمد شايشي، وهو ناشط جمعوي، إن مكانة الأستاذ والثقة الموضوعة فيه من قبل الأولياء حالت دون وجود هذه الظاهرة بنسبة 10 في المائة، التي تمثل الحالات الشاذة التي تقع في فترات متباعدة.وأضاف المتحدث في اتصال مع ”الخبر”: ”بحكم النظام الاجتماعي الذي يطبع الولاية، فإن المواطنين يعرفون بعضهم بعضا، ومن هنا فالمشاحنات بين الأولياء والأساتذة تكاد تكون منعدمة إلا في الحالات الشاذة”.من جانبه، قال علي كيند، أب لأربعة أبناء، إنه سيتابع مجريات دراستهم، مضيفا أن الأولياء يعتقدون أن مرافقة أبنائهم والإطلاع على كل صغيرة وكبيرة من شأنها رفع مستواه وحمايته من الانحراف، دونما الوقوع في صدامات مع الأساتذة.وتغيّرت سلوكيات الأولياء إزاء أبنائهم التلاميذ بصفة كلية في كل ما يتعلق بحياتهم الدراسية، ”فحشروا أنوفهم” في مواقع جلوس أبنائهم في الأقسام، كما يشرعون في ”تحقيق” حول طبيعة الأساتذة والمعلمين الذين سيتولون تدريسهم في ذلك الموسم الدراسي، إلى درجة أنهم يلجئون إلى تحويله إلى أقسام أو مؤسسات أخرى في حال اكتشافهم أن أحد الأساتذة لا يحظى بقبول وسط المحيط المدرسي كحالة شاذة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات