مقر وزارة المالية.
+ -

ستكون الجزائر على موعد مع عدد من البدائل والسيناريوهات الصعبة في حال استمرار تدني أسعار النفط خلال السنتين المقبلتين، رغم رسائل التطمين التي ما فتئت توجهها الحكومة، التي ستواجه معادلة بمتغيرات متعددة، فمعدل سعر النفط الجزائري “صحاري بلند” سيقدر بحوالي 60 دولارا للبرميل، بمعنى أنه سيفقد 40 دولارا كمعدل مقارنة بمتوسط عام 2014، ومثل هذه التطورات سيكون لها عدة انعكاسات سلبية بداية بـ2016 ثم 2017 في حالة تأكد منحى تطور أسعار البترول إلى أسفل، ما يعيد طرح سيناريو الاستدانة في غضون 2018.تراجع أسعار النفط يهدد استقرارهادولة تغرق في برميلرغم امتلاك الجزائر لهامش حركة مقبول بالنسبة لسنة 2015 وبأقل مستوى عام 2016، حيث لا تزال قيمة المديونية الجزائرية متواضعة بحوالي 3.5 مليار دولار، إلا أن المؤشرات الكلية ستعرف حسب الإسقاطات المعتمدة من قِبل الهيئات المالية الدولية تغيرات سلبية، حيث تبقى الدولة غير قادرة على العودة إلى الوراء والتصرف في ميزانية التسيير بلغت هذه السنة 46.7 مليار دولار، في وقت بلغ العجز في الميزانية والخزينة قرابة 49 مليار دولار والنفقات 106 مليار دولار. على ضوء ذلك، فإن الجزائر ستواجه وضعا صعبا في ظل تقلبات السوق البترولية مع غياب البدائل على المدى القصير، حيث تبقى صادرات المحروقات تمثل حوالي 96 في المائة من إجمالي الصادرات، وتبلغ حوالي 60 في المائة من الجباية.ونلاحظ أن حجم الاقتطاعات لصندوق ضبط الموارد يعرف ارتفاعا، في وقت لا تسمح الوضعية المالية العامة بإعادة ضخ فوائض معتبرة، فناتج الصندوق كان يقدر، حسب تقديرات الحكومة مع نهاية 2014، بحوالي 49.9 مليار دولار، وتوقعت الحكومة أن يعادل 41.9 مليار دولار مع نهاية السنة الحالية، إلا أن الواقع الجديد يفرض مع ارتفاع العجز بصورة أكبر من التوقعات بأن يتم اقتطاع قيمة أعلى، ما سيجعل ناتج الصندوق يتراجع بكثير تحت عتبة 40 مليار دولار، إذ أن الأرقام الرسمية تشير إلى اقتطاع عام 2014 لأكثر من 28.10 مليار دولار مقابل 20.20 مليار دولار سنة 2013، ويرتقب أن يصل الاقتطاع برسم سنة 2015 بالنظر إلى حجم العجز لأكثر من 35 مليار دولار. وبهذه الوتيرة فإن ناتج صندوق ضبط الموارد سيصبح ضعيفا جدا بعد 2017، هذا إذا لم توفر موارد لدعمه. في السياق نفسه، فإن احتياطي الصرف الجزائري يعرف بدوره تراجعا، حيث يرتقب أن يقدر بحوالي 130 مليار دولار مع نهاية السنة الحالية، وقد فقد لحد الآن حوالي 30 مليار دولار، علما أن الجزائر لا يمكنها توظيف احتياطي الصرف لطبيعته وتركيبته، حيث يبقى ضمانا أساسيا في مجال التعاملات التجارية.وبالتالي فإن غياب الرؤية الاستراتيجية والاستشرافية فوّت على الجزائر فرصا تاريخية لتنويع اقتصادها وضمان تقليص تبعيتها للمحروقات، ولكنها في زمن الوفرة المالية عجزت عن توظيف حوالي 800 مليار دولار أي ثماني مرات قيمة مشروع مارشال حاليا، لتصبح الاستدانة خيارا من بين الخيارات، بعد أن نجحت في تسديد ديونها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: