"العودة للاستدانة تعرض الجزائر لاستعمار جديد"

+ -

 دقت الأحزاب السياسية ناقوس الخطر بشأن العودة المحتملة للاستدانة من الخارج، بعد التصريح “المبهم” للوزير الأول عبد المالك سلال خلال لقائه بولاة الجمهورية، واعتبروا اضطرار الحكومة للرجوع إلى نقطة ما قبل تسديد المديونية الخارجية بـ«الأمر الخطير” الذي سيجعل الجزائر في نهاية المطاف تتخلى عن أجزاء من أرضها، وشبهوا الأمر بـ«استعمار من نوع آخر”.وحذٍّر رئيس حزب جيل جديد جيلالي سفيان، بهذا الخصوص، من لجوء الحكومة إلى هذا الخيار، الذي صنعته بسبب التسيير السيئ للبلاد ولأموال الشعب الجزائري، وقال إن تداعيات ذلك ستكون وخيمة على استقلالية وسيادة الجزائر، بينما لم يتوان عن القول إن بلوغ هذه المرحلة سيدفع من بيدهم القرار إلى منح تسهيلات للدول والمؤسسات الأجنبية في الحصول على أراض من البلاد و«بيع” أجزاء من الوطن لتسديد هذه الديون، وهو ما اعتبره استعمارا من نوع جديد.وتساءل المتحدث، في تصريحه لـ”الخبر”، عن الموارد التي يمكن أن ترد بها الحكومة الديون المستحقة، بصرف النظر عن التنازلات التي ستفرض عليها، وأشار في هذا الشأن إلى عدم إمكانية الاعتماد على أسعار النفط في السوق العالمية المتدنية أصلا والمتجهة نحو انخفاض أعمق. وعلى الرغم من أنه ذكر بأن تصريح سلال بالخصوص كان “مستويا” كونه لم يفصل في المسألة، إلاّ أنه قال إنه يكشف مدى عجز حكومة لم تتمكن من استثمار أموال البحبوحة، ولن تجد سوى المديونية الخارجية كحل أمامها “بعد تكسيرها للمنظومة الاقتصادية”.وقال سفيان جيلالي إن أموال الجزائر محتجزة في سندات الخزينة لدى البنوك الأمريكية في شكل احتياطي الصرف، مشيرا إلى أنه لا يمكن للسلطات العمومية استرجاعها بسرعة لاستخدامها في تنمية وإنعاش النشاط الاقتصادي أو تغطية النفقات العمومية، في وقت يتقلص هذا المخزون من العملة الصعبة بسرعة فائقة، حيث تفقد على أساسه الجزائر 40 في المائة في ظرف أشهر، وتؤكد الأرقام الرسمية أنها انتقلت من 193 مليار دولار إلى حوالي 151 مليار دولار فقط. ومن جهته، اعتبر القيادي في جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف أن لجوء الحكومة إلى الاستدانة من الخارج يضع البلاد في وضعية أخطر من تلك التي عاشتها خلال أزمة 1986، معللا ذلك بأن صندوق النقد الدولي والدول الغربية ستفرض على الجزائر تبعا لذلك إملاءات وتنازلات، فضلا عن إلزامها بنسب فوائد كبيرة ستضطر السلطة لقبولها لتأمين السلم الاجتماعي القائم على توزيع النفقات على كل الفئات المتواجدة تحت صفيح ساخن، قبل أن يُذكّر بعواقب الاستدانة التي انجر عنها في السابق تسريح 800 ألف عامل وإسدال الستار عن آلاف المصانع التي أجبرت على التوقف عن النشاط. ولم يستبعد بن خلاف العودة إلى الاستدانة مستدلا بأن الحكومة “معطلة” وتعتمد على “قرارات شعبوية ظرفية لا تحل أصل مشكل الأزمة الاقتصادية”، وقدم العديد من النقاط التي تكشف حجم الأزمة، في مقدمتها انهيار أسعار النفط الذي عرى عجز الحكومة إلى ما دون 50 دولارا، مع توقعات بالانخفاض أكثر بدخول الإنتاج الإيراني للسوق العالمية بقدرة إنتاجية ضخمة وبمخزون كبير تراكم خلال سنوات الحصار، بالإضافة إلى المعطيات المرتبطة بانخفاض قيمة الدينار الجزائري في فترة وجيزة جدا، معرضا القدرة الشرائية للمواطن إلى الخطر، وكذا تآكل أموال صندوق ضبط الإيرادات، في وقت “تستمر الحكومة في استيراد الكماليات والمحرمات وإنفاق أموال الشعب على الحملة الرئاسية والمهرجانات، وتفرض التقشف على الطبقات الدنيا من الشعب”.وقال بن خلاف إنه كان من باب أولى أن تستعيد الحكومة 5 مليار دولار التي أقرضتها لصندوق النقد الدولي بدلا من التفكير في الاستدانة، واستعمال بالموازاة مع ذلك أموال احتياطي الصرف غير المستغل في مجال تنويع الاقتصاد الوطني بعيدا عن صادرات الطاقة، بحكم أن نسبة فوائد الاحتياطيات تقدر بـ3 في المائة، وهي نفس نسبة التضخم في الاقتصاد العالمي، وعليه فإن الجزائر لا تستفيد من هذه الأموال بأي شكل، “ضف إلى ذلك-  كما قال-المخاطر المحتملة في حالة تعرض الاقتصاد العالمي لأي أزمة”.وكانت زعيمة حزب العمال، لوزيرة حنون، من جهتها قد عادت، مؤخرا، إلى التصريح الذي أدلى به الوزير الأول عبد المالك سلال خلال لقائه بولاة الجمهورية، وذكرت في السياق بقضية العودة المحتملة للاستدانة من الخارج، والتي وقفت عندها مطولا، معتبرة ذلك “بمثابة الحكم بالإعدام على الجزائر”، بحكم أنه سيضعها تحت وصاية صندوق النقد الدولي والدول الرأسمالية، مستدلة بمصير اليونان التي يتم الاستيلاء على خيراتها من قِبل الدول الغربية تحت غطاء تصفية مديونيتها الخارجية، وأشارت إلى أن سلال صرح بأن هذا “الاحتمال صغير”، واستطردت بالقول بأن مجرد التفكير في اللجوء إلى “الأفامي” يعتبر توجها خطيرا، مذكرة بتفاصيل تسديد الديون الجزائرية في بداية الألفية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: