"المديونية ليست قدرا محتوما لو توفر التسيير الجيد"

+ -

استبعد دكتور الاقتصاد محجوب بدة لجوء الدولة على المدى القصير للاستدانة الخارجية، لتوفر هامش متاح، إلا أن الاستدانة يمكن أن تكون داخلية، حيث لا تقتصر على الخارج فحسب، كما أنه بامكان المؤسسات أن تستدين برسم التعاملات التجارية كما هو حاصل اليوم.وأوضح بدة لـ«الخبر” أن الوضع الحالي لا يشبه ما كان مطروحا سنوات 1991-1994، حيث اضطرت الجزائر إلى التوقيع على ثلاث اتفاقيات: اتفاقية ستاندباي الأولى في 1991 واتفاق 1992، ثم اتفاق التمويل الموسع وإعادة جدولة الديون الخارجية، لأن الجزائر آنذاك كانت تحت طائلة عدم الملاءة وعدم القدرة على التسديد، فمن المعروف أن أزمة المديونية تحدث عند عجز المدين عن دفع ديونه المستحقة وعدم كفاءة السياسات الاقتصادية، وهي نتاج لعجز في ميدان المدفوعات أو ميزان الحسابات الجارية، حيث تصبح المشتريات من الخارج من سلع وخدمات أكبر من المبيعات أو الصادرات، وغالبا ما تكون للمديونية تداعيات على مناخ الأعمال والاستثمار لأن الدولة العاجزة عن الدفع لا تمتلك ضمانات، وهذا الحال كان قائما في بداية التسعينيات بعد أن فاقت خدمات الديون 35 في المائة، ثم 40 في المائة، حيث قامت الجزائر باستثمارات واسعة في البنى التحتية، وتفاجأت بصدمة انهيار البترول في 1986 و1987 إلى حدود 10 إلى 12 دولار للبرميل، نتج عنها تقلص الإيرادات وانكماشها بسرعة، فقامت السلطة بتدابير تقشفية وأخرى متعلقة بضبط الواردات.ولاحظ بدة أن الجزائر لم يكن لها خيار إلا الاقتراض على المدى القصير وبنسب فائدة مرتفعة، وبالتالي تسديد الدين وفوائده في ظرف زمني قصير، ما دفعها إلى أحضان “الأفامي” الذي فرض سياسات تصحيح هيكلي، كما وقعت الجزائر 17 اتفاقية ثنائية لإعادة جدولة ديونها في إطار نادي باري واتفاقيات أخرى في إطار نادي لندن. بالمقابل، أشار دكتور الاقتصاد “في الوقت الحالي الوضع مختلف قليلا، فقيمة الديون الخارجية الجزائرية تقدر بـ3.5 مليار إلى 3.6 مليار دولار، ونسبة الديون متوسطة وبعيدة الأجل تمثل النسبة الأكبر، كما أن احتياطي الصرف الذي كان يقدر بـ1.1 مليار دولار بداية التسعينيات يقدر حاليا بـ150 مليار دولار، يضاف إليه حوالي 45 مليار دولار رصيد صندوق ضبط الموارد. وعليه، فإن استدانة الدولة تبقى في نظرنا مستبعدة على المدى القصير، ومع ذلك فإن الاختلال المسجل هذه السنة بعجز في ميزان التجارة يصل إلى حدود 10 مليار دولار وعجز في ميزان المدفوعات وتفاقم العجز في الموازنة يجبر الدولة على الاستدانة في الداخل. ونتوقع ان ترتفع قيمة الديون الداخلية العمومية، لكن استمرار الوضع لسنتين أو ثلاث يشكل عامل ضغط كبير، وهنا يمكن أن تلجأ الدولة لتخفيف الضغط إلى آليات منها استدانة الشركات والمؤسسات، وسيبقى الشرط الأساسي لعدم الاضطرار للاستدانة هو تحسين أداء الاقتصاد الذي لا يزال يرتكز على الريع النفطي وتنويعه وترشيد تسيير الموارد المتاحة، وإلا فإننا سنجد أنفسنا أمام حلقة فارغة”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: