جثة طفل سوري تعرّي الغرب وتفضح العرب

+ -

 بلغت مآسي اللاجئين السوريين ذروتها بمشهد طفل مسجى على شاطئ أحد المنتجعات التركية، قضى نحبه في رحلة للبحث عن ملجأ، وأعادته مياه البحر إلى مرأى العالم.أثارت صورة الطفل المسجى على رمال الشاطئ ضجة كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشرت في موقع “تويتر” تحت عنوان صادم ومؤلم يقول: “الإنسانية تُلفظ على الشاطئ”.الصورة شغلت العالم؛ طفل ممدد دون حراك ووجهه إلى الأسفل على شاطئ البحر، بالطريقة التي عادة ما يحب الأطفال النوم عبرها، ولكن تلاطم الموج على وجهه دون ردة فعل منه تشير إلى أنه فارق الحياة، لتختصر الصورة معاناة ملايين السوريين الذين مزقت الحرب بلادهم.صورة الطفل الغريق انتشرت لاحقا في وسائل الإعلام الدولية، وأثارت موجة عارمة من الأسى والغضب من تواصل هذا النوع من المآسي التي تلاحق اللاجئين السوريين في رحلة هربهم من جحيم الحرب المتواصلة في بلادهم منذ أكثر من 4 سنوات.الطفل الذي كان يلبس سروالا أزرق اللون وقميصا أحمر اللون مع حذاء صغير كان بين 12 ضحية لحادث غرق مركب للمهاجرين السوريين بين تركيا واليونان، وقد جرفته المياه إلى الشاطئ لتنتشر صورته كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي مع وسم باللغة التركية يقول “حطام الإنسانية”. وأشارت معلومات نقلتها قناة “سي آن آن” الأمريكية إلى أن الطفل هو في الواقع من أكراد سوريا، وكان يحاول الوصول مع أسرته إلى مدينة فانكوفور الكندية، وفقا لما أكده أحد السياسيين الكنديين أمس الخميس. وأكد فين دونالي، النائب عن مقاطعة “بورت مودي كوكواتلم” الكندية، في حديث لشبكة CTV الكندية، أن عمة الطفل، وتدعى تيمة كردي، سبق لها أن قدمت طلبات لجوء لشقيقها وأسرته من أجل السماح لهم بالقدوم إلى كندا والعيش فيها، ولكن الطلب رُفض في جوان الماضي.وتعود أصول العائلة إلى مدينة كوباني– عين العرب السورية المجاورة لتركيا، والتي شهدت دمارا كبيرا بعد مواجهات قاسية وقعت فيها بين المقاتلين الأكراد وقوات تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، فر بعدها معظم السكان، بمن فيهم أسرة الكردي، إلى خارجها. وذكرت تيمة الكردي للسياسي الكندي أن شقيقها عبد اللّه اتصل بها ليعلمها بأن الطفل الذي ظهر في الصورة، ويدعى “عيلان الكردي”، والذي كان يبلغ من العمر ثلاثة أعوام، قد غرق، إلى جانب شقيقه غالب الذي كان يبلغ من العمر خمسة أعوام وأمهما ريحان، أثناء محاولة العبور بحرا من تركيا إلى اليونان.كان هذا الطفل الضحية ضمن مجموعة تتكون من 23 شخصا استقلوا قاربين انطلقا منفصلين من منطقة أكيارلار في شبه جزيرة بودروم جنوب تركيا في اتجاه جزيرة كوس اليونانية. وكان 12 مهاجراً سورياً قد لقوا حتفهم الأربعاء بعد غرق قاربين كانا يقلانهم من منطقة بودروم التركية إلى جزيرة كوس اليونانية، ومن بينهم ثلاثة أطفال وامرأة.وانتشر وسم الضمير_العربي بشكل واسع بين المغردين، حيث صبّوا من خلاله جام غضبهم على ما اعتبروه “تقاعسا” من قِبل العرب إزاء مساعدة اللاجئين. فقد قال أحد المدونين: “لا نملك سوى التباكي والتجييش والتخوين لبعضنا وترميز الصور مثل صورة هذا الطفل ومحمد الدرة قبله. لكن أين المبادرة؟ فاز بها الأوروبيون”. فيما كتب آخر يقول: “آخر مرة سمعت كلمة الضمير_العربي يوم قتل محمد الدرة واليوم نسمعها بعد غرق_طفل_سوري. يعني كل 20 سنة يصحى الضمير العربي يستنكر ويرجع ينام”. وعلق ثالث قائلا: “نم قرير العين يا صغيري، فجثتك لم تحرك سوى أقلام الشعوب وألسنة الشعراء”. وعلق آخر قائلا: “هؤلاء اللاجئون لا يريدون أن يكونوا لاجئين في المقام الأول فقط. كفوا عنهم طائراتكم اللعينة واتركوهم يعيشون بديارهم”.وتشير تقارير منظمة الأمم المتحدة إلى أن نحو 340 ألف لاجئ وصلوا إلى أوروبا خلال 7 شهور بنهاية جويلية أغلبهم من السوريين، في هجرة وُصفت بأنها الأسوأ في القارة منذ الحرب العالمية الثانية، من بينهم 200 ألف وصلوا إلى اليونان، فيما دخل 110 ألف آخرون إلى إيطاليا.وتفيد إحصاءات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأن أكثر من ألفي سوري قد غرقوا في البحر المتوسط أثناء محاولاتهم الوصول إلى أوروبا منذ 2011، ويشير المجلس إلى أن “الفشل العالمي في حماية اللاجئين السوريين يترجم الآن إلى أزمة في جنوب أوروبا”.وتكاد أزمة اللاجئين تفجر أزمة دبلوماسية غير مسبوقة في أوروبا، فقد دعا رئيس الوزراء الهنغاري، فيكتور أوربان، الاتحاد الأوروبي إلى إرسال إشارة واضحة للاجئين من أجل وضع حد لتدفقهم، فيما منعت سلطات بلاده مئات اللاجئين من التوجه إلى النمسا. وقال أوربان، في مقالة نشرت أمس الخميس في صحيفة “فرانكفورتر زايتونغ” الألمانية”: “ما تواجهه أوروبا اليوم ليس قضية لاجئين، بل هو موجة جديدة من عصر الهجرات”. وحمّل رئيس الوزراء قيادة الاتحاد الأوروبي مسؤولية الأزمة قائلا: “ما تعمله أوروبا هو جنون. لقد أدت سياسة الهجرة الفاشلة التي اتبعها الاتحاد الأوروبي إلى الوضع الراهن”.من جهته، أعلن وزير الداخلية الإيطالي، أنجيلينو ألفانو، أمس، الحرب على مهربي البشر، قائلا إن المجتمع الدولي مسؤول عن تبعات إسقاط القذافي. وأوضح ألفانو، في تصريحات صحفية من باليرمو، أن هذا الوضع قائم “منذ سقوط القذّافي”، مضيفا بأن “المسألة الرئيسية تكمن في وجوب أن يتحمل تبعات هذا الأمر المجتمع الدولي نفسه الذي أرسل القذافي إلى بيته أو بالأحرى إلى المقبرة”. وقال الوزير الإيطالي: “لقد دعونا منذ مدة الكيانات متعددة الأطراف إلى أن تقوم في إطار القانون الدولي بإطلاق هجوم على وكالة السفر البشعة هذه”، والتي “تشتمل على منظمي رحلات قتلة ومجرمين”.وفي السياق ذاته، اقترحت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي على وزراء دفاع دول الاتحاد البدء في المرحلة الثانية من العملية العسكرية البحرية في البحر المتوسط. وذكرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أن انتقال الاتحاد إلى المرحلة الثانية من عمليته في المتوسط سيستغرق عدة أسابيع، مشيرة إلى الحاجة لإمكانيات إضافية وسفن قبل اتخاذ قرار رسمي. وأعلنت موغيريني أن عسكريي الاتحاد الأوروبي أنقذوا في البحر المتوسط أكثر من 1500 من المهاجرين منذ انطلاق العملية العسكرية البحرية. وكان الاتحاد الأوروبي بدأ في 22 جوان الماضي عملية عسكرية في المتوسط لمواجهة تدفق المهاجرين غير الشرعيين على القارة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات