38serv

+ -

 تبخر في 6 سنوات من الخزينة العمومية، ما يقارب 15 مليار دولار، بسبب إجراءات “القرض المستندي” الذي تجبر السلطات المتعاملين الاقتصاديين على العمل به، منذ إقراره في قانون المالية لسنة 2009 من طرف حكومة أحمد أويحيى آنذاك. وأمام هذا النزيف، اضطرت الحكومة حاليا لأن تتجه إلى إلغائه من المعاملات التجارية الخارجية، وهي الخطوة التي يقرأها خبراء بأنها “بديل” لـ”رخص الاستيراد”.

أفاد مصدر موثوق من قطاع المالية لـ”الخبر”، بأن “الجزائر منذ 2009 خسرت حوالي 15 مليار دولار، بسبب إقرارها القرض المستندي في المعاملات التجارية الخارجية، وقد تبخرت هذه المبالغ الضخمة من العملة الصعبة، في التكاليف المرفقة بالاعتماد على هذه الآلية، أبرزها الإرسال والاستقبال والإثبات والإبلاغ والترجمة، إلى جانب العمولة المقدرة بـ3 بالمائة التي تشترطها البنوك في إقرار القرض المستندي”.ورغم أن الحكومة لجأت إلى القرض المستندي في قانون المالية لسنة 2009، حسب مصدرنا، للتقليص من فاتورة الاستيراد والواردات بصفة عامة، إلا أنه لم يحقق أهدافه المرجوة منه، بحيث رفعت بشأنه تقارير إلى الحكومة تثبت استمرار نزيف العملة الصعبة إلى الخارج دون مراقبة، فما كان من الحكومة سوى تشكيل لجنة لدراسة إيجابيات وسلبيات اعتماد القرض المستندي.وكانت الحكومة في تشكيلها للجنة حول القرض المستندي قبل المصادقة على قانون المالية لسنة 2014، تهدف لإدراج مقترحاتها في هذا القانون، ولم تراع ما خرجت به أشغال اللجنة، التي طالبت آنذاك بتقليص استعمال القرض المستندي، ليختصر على المواد الأولية فقط ، ما سيسمح بنزيفها نحو الخارج، بحكم أن التعامل بالقرض المستندي يمكن المستورد من تحويل أمواله إلى ممونه في الخارج دون الانتظار للتأكد من محتوى حاويات السلع والبضائع، التي يتم إرسالها بعد انتهاء المعاملة التجارية بين الطرفين.وقبل أن تتجه الحكومة حاليا إلى إلغاء القرض المستندي وفتح المجال أمام تحويلات مالية حرة بين المصدر والمستورد، لجأت إلى إلغاء الاعتماد الاستثنائي بالقرض المستندي، وطرح أمام المتعاملين الاقتصاديين “التسليم المستندي” كآلية تعامل تجارية أخرى، لكنها تشبه تماما “القرض المستندي” في كافة الإجراءات.ولا يفهم سر إبقاء الحكومة على القرض المستندي لـ6 سنوات كاملة، وهي التي كانت تصلها تقارير بصورة يومية عن الخسائر التي تتكبدها الخزينة العمومية جراء التكاليف المرفقة به، رغم أن الحكومة اعترفت، منذ فترة، على لسان الوزير الأول، عبد المالك سلال، بأن هذه الآلية كانت سلبياتها كبيرة جدا على التجارة الخارجية، كما أنها أضرت بسمعة الجزائر في الخارج، وذلك نظرا لاعتبارها المتعاملين الاقتصاديين كـ”سارقين” ولا تثق فيهم. كما لا يفهم أيضا المغزى من الاتجاه نحو إلغائه ما دام أن “القرض المستندي” كان يحمي الاقتصاد ويقلص الواردات.وفي هذا الشأن، يعتقد الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن عـية، في اتصال مع “الخبر”، أن “اتجاه الحكومة نحو إلغاء القرض المستندي قضية شائكة جدا، والأقرب إلى تفسيرها هي الزاوية السياسية أكثر منها اقتصادية، بحكم أن هذا القرار وقرارات أخرى صادرة عن الحكومة، أضحى صعب على الخبراء فهمها، فالأساس الاتجاه نحو سياسة اقتصادية انكماشية بسبب تهاوي أسعار البترول، أما في الواقع فنرى سياسة اقتصادية توسعية”.وذكر عـية أن “الحكومة كانت لها عقود تجارية مع دول لفسح المجال أمامها لتسويق منتجاتها، خصوصا الدول الأوروبية، وفي اعتقادي أن الحكومة بعدما حاولت اللجوء إلى عراقيل إدارية، مثلما يجري في حجز السيارات في الموانئ، وفرضها رخص الاستيراد، تحاول الآن باتجاهها نحو إلغاء القرض المستندي من المعاملات التجارية الخارجية، إلى تقديم تنازلات لخلق توازن غير اقتصادي”.وأشار المتحدث إلى أنه “سابقا كانت الحكومة تضبط وارداتها بضمانات بنكية تصل إلى 120 بالمائة، والمستورد يفكر مسبقا قبل خوض عملية الاستيراد، فيكون ملزما بالخضوع للقرض المستندي، وهو أداة تحمي بها الحكومة حسبها الاقتصاد، وبالتالي سيعطي التحويل المباشر دفعا كبيرا للعمليات الاستيرادية، لكن مع ضغط على البنك المركزي لتوفير العملة الصعبة”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات