38serv

+ -

رغم الدفاع المستميت لمدني مزراڤ، أمير ما يسمى بالجيش الإسلامي للإنقاذ، عما يعتبره “حقه” في إنشاء حزب سياسي، إلا أن هذا المشروع بدا من الوهلة الأولى مستحيل التحقيق، بعد أن واجهته السلطات سياسيا بالرفض، وقانونيا بالموانع التي يضعها قانون المصالحة الوطنية. ولم يلق مزراڤ المساندة من قادة الفيس التاريخيين وحتى من رفقائه السابقين في الأيياس. لم تترك التصريحات المتتالية للوزير الأول، عبد المالك سلال، ووزير الداخلية، نور الدين بدوي، ومدير ديوان الرئاسة، أحمد أويحيى، أي مجال للتأويل بخصوص اعتماد حزب “الجبهة الجزائرية للمصالحة والإنقاذ” الذي أعلن عنه في نهاية أوت الماضي، إذ جاءت كل الردود متطابقة بشأن “استحالة عودة الذين تسببوا في الأزمة الأمنية بالبلاد إلى النشاط السياسي”، وخص هؤلاء المسؤولون مدني مزراڤ بالاسم في تنزيل هذه القاعدة العامة على الواقع السياسي بالجزائر.وقد اضطر المسؤولون لهذه التوضيحات، بعد أن أثار الظهور المتكرر لمزراڤ حفيظة طيف واسع من منظمات المجتمع المدني، الذين استنكروا جرأة مدني مزراڤ كأحد القادة المسلحين زمن العشرية السوداء في مواجهة الدولة، وتنظيمه كل سنة جامعة صيفية دون أن يعترض طريقه أحد، وهو ما يعتبر، وفق محمد فاسي، المسؤول بالمنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب، “استفزازا غير مقبول للجزائريين وخاصة ضحايا الإرهاب الذين مازالت جروحهم لم تندمل بعد”. وفضلا عن ذلك، يقول فاسي لـ”الخبر” إن “عودة مزراڤ للنشاط السياسي تشكل انتهاكا صارخا لميثاق المصالحة الوطنية الذي صوت عليه الجزائريون بالأغلبية الساحقة”.ومن الزاوية القانونية، دافع مزراڤ عن نفسه ضد الموانع التي تضعها المادة 26 من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لعودة المسلحين السابقين إلى العمل السياسي، بالقول إن “عناصر الجيش الإسلامي للإنقاذ ليسوا معنيين أبدا بهذا الميثاق، ما دام قد صدر في حقهم عفو رئاسي شامل في جانفي 2000 يعيد لهم حقوقهم كاملة بما فيها السياسية”. لكن هذا التفسير لا تتبناه وزارة الداخلية وفق مروان عزي، مسؤول خلية متابعة وتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لأنها تمنع كل العناصر التي كانت تنشط في تنظيمات مسلحة من الترشح على قوائم انتخابية، ما يعني أنها تخضع الجميع لتفسيرها لنص المادة 26 من قانون المصالحة، بمن فيهم عناصر الأيياس.وبتجاوز إشكالية الاعتماد القانوني لحزبه، يواجه مزراڤ مشكلة رفض كل القادة التاريخيين للفيس المحل مشروعه، وتشكيكهم في الهدف من إنشائه. ويقول ڤمازي في ذلك إن “قيادة الفيس التاريخية، ممثلة بعباسي مدني وعلي بلحاج وغيرهما، لا علاقة لها البتة بهذا الحزب ولم تستشر فيه، وهي متمسكة بالجبهة الإسلامية للإنقاذ”. وأضاف لـ”الخبر”: “نحن لا نريد تأسيس حزب جديد بديل للفيس كما لو أننا نحمله بذلك مسؤولية المأساة الوطنية وهو بريء منها”.ويرد مزراڤ على ذلك بأن “الجيش الإسلامي للإنقاذ هو أكبر وأقوى فصيل في الفيس، وهو الذي حفظه من الزوال عندما كاد ينتهي بعد مؤتمر باتنة (1994) في أحضان تنظيم الجيا العدمي”. وقد يكون مزراڤ أول المدركين لاستحالة تنفيذ مشروعه من الناحية العملية، إلا أنه يتحدى بمواصلة الإجراءات القانونية لاعتماد حزبه إلى نهايتها، لأن في ذلك ضمانا لبقائه في الواجهة.     

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات