+ -

أثنا الناقد المسرحي المصري، عمرو دوارة، على الدور الكبير الذي قدمه المسرحي الجزائري الراحل محمد بن ڤطاف في خدمة الأجيال التي تعشق أبا الفنون. وأوضح الناقد في هذا الحوار الذي أجرته معه ”الخبر”، على هامش مشاركته تنشيط ورشة الإخراج المسرحي التي تنظّم في إطار الطبعة الوطنية العاشرة لمهرجان المسرح الفكاهي بالمدية، أن المسرح الجزائري لم يعد يحتاج لتأشيرة جغرافية رسمية، فقد بات يعبر الحدود العربية بسهولة.كيف ترى واقع المسرح العربي اليوم في ظل التغييرات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية؟ المسرح العربي أصبح منقسما على نفسه وعلى فنه وإبداعاته، بين شارع  لا يزال متأثرا بإحداث الربيع العربي، وأنظمة عربية مضطربة في أبسط تقاسيمها النخبوية والفئوية، هذا فيما تعرف العديد من القامات المسرحية على الساحة العربية والمصرية على وجه الخصوص، حالة من ”الشيخوخة” في السن، ولكن أبقى متفائل بالانتقال على سبيل المثال في مصر ما بعد ثورة يناير، من صورة المسرح الانفتاحي والسياحي إلى مسرح الشباب الذي يهتم بقضايا الأجيال الجديدة.يستحيل أن يكون هناك إبداع في النقد المسرحي إذا كنت أمام عروض فاشلة..؟ هي مقولة أحفظها لوالدي المرحوم فؤاد دوارة، بعد تجربة طويلة جعلت منه شيخ المسرح القومي في مصر وأثمرت 28 عملا مست مختلف أدبيات المسرح.. فنجاح أي عمل مسرحي يبقى أساسه الجمهور، وصناعة جمهور المسرح أرى أنها تبدأ مبكرا من مقعد الدراسة والارتقاء بها مرحليا نحو الخشبة، وهذا ما كان مع مسرح كبار عهد عبد الناصر في مصر، واعتقادي بدور تنويري للمسرح يجعلنا أمام وضع مشابه، فما يجري اليوم على الساحة العربية والمصرية من إرهاصات لا يمكن اختزاله مسرحيا  في مجرد تسجيل للواقع كما هو، بل رسالة للدفع نحو إعادة صياغة هذا الواقع.تيار سلفي يقابله تحد مسرحي قومي، ألا يمكن الكلام عن تعايش أو حتى عن هدنة خصوم؟ المسرح منظومة ثقافية فنية مرتبطة بمنظومة اجتماعية سياسية، لكن التطرف الديني يفقدهما أي تواصل، والحقيقة أن ما يسمى تيارات دينية، هي في الأساس مجرد تيارات منفعية مادية متزمّتة غريبة ومحدودة الأفق، فعندنا في مصر أعتبر أن لا تيار ديني لائق  خارج الأزهر.إذن أين تضعون ظاهرة تفشي ارتداء الحجاب بين فنانات مصر خلال العقدين الأخيرين؟ أعتبر ذلك حرية أساسية، بحيث يجب أن تبقى قناعة شخصية، أنا لست ضد حجاب الشعر والجسد، أنا ضد حجاب الفكر، أحترم كل فنانة تحجبت وأمقت التبرج وأختار الاعتدال وعدم المغالاة والتطرف من الجهتين. الفنانة الكبيرة شادية مثلا لبست الحجاب ولم تتنكّر إلى ماضيها الفني معتبرة إياه تاريخا. الفنانة عفاف شعيب لبست الحجاب، لكنه لم يمنعها من أداء أدوار ملتزمة، الفنانات سوسن بدر، فريدة سيف النصر، صابرين وغيرهن ارتدين الحجاب ثم بدّلنه، المسألة تخصّهن كأفراد وقناعات، أرفض أن يكون الحجاب مجرّد أقنعة.هل من حظوظ لمهرجان المسرح الفكاهي بالمدية أن يقف على الخشبة عربيا وسط كل هذه الآلام القومية؟ الحقيقة أن وصفك للواقع العربي بالمؤلم فيه مجاملة، فهذا الواقع أصبح أبشع من الألم بكثير على الإنتاج المسرحي خاصة، فمن خلال مشاركتي وإشرافي على عدة مهرجانات عربية سواء بالأردن أو الفجيرة والقاهرة، رأيت بأن أطول عمر عاشته مسرحية مع الجمهور لم تتعد 15 ليلة، في حين هناك مسرحيات في مصر، سواء لعادل إمام بالمسرح الخاص أو لدى يحيى الفخراني بالمسرح القومي، عمّرت أزيد من ثماني سنوات، لكن وبكل صدق أحكم لصالح وثبة قومية لمسرح المغرب العربي وخاصة في الجزائر، من خلال معايشتي لطبعات المسرح الوطني الجزائري المحترف لسنوات 2006 ،2007 و2008 بقيادة المرحوم محمد بن ڤطاف، أعتقد أن هذا المسرح أصبح في الصدارة في جوانبه السينوغرافية على وجه التحديد، وبالتالي ما ينقص مهرجان المسرح الفكاهي الذي ينظم بالمدية غير بصمات التواصل للانعتاق من المحلية نحو الخشبة القومية التي أرى كمناهض للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، أن فلسطين تبقى في الصدر مصيرا مشتركا و نقطة التلاقي الحقيقية في قلب أية خشبة عربية.    

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات