+ -

إنّ من تأمّل الحجّ وجده مُذكّرا بيوم القيامة؛ فالحاج مسافرٌ إلى اللّه تعالى، تُحيطه الهيبة والخشوع من عظمة الموعد، فمن الخطوة الأولى من بيته يشعر وكأنّه منبعث من قبره، خصوصًا مع ارتداء لباس الإحرام، وفي تشييع الأهل والأقارب وتوديعهم له ما هو إلاّ كتشييع الميت ليلقى ربّه، فما أشبه الحال بالحال، وسفرُ الحجّاج كان ولا يزال مخوّفًا، فأغلب الحجّاج يقطعون آلاف الأميال ولا يدرون ما يعرض لهم، وقد كان الحجّاج يتيهون في الأرض ويضلّون الطّريق فلا يرجعون إلاّ بعد سنين، ومنهم مَن لا يعود، وبعضهم يتعرّضون لقُطّاع الطّريق واللّصوص فربّما يُقتلون أو تسلب منهم أموالهم، فلا يحجّون أو لا يرجعون. لا يزال السّفر إلى الحجّ، في زمننا الحاضر، مُخوّف، فكم تاه النّاس هناك، وكم هم الّذين ضاع منهم المال والمتاع، وكم من حاج توفي قبل أن ترى عينه البيت الحرام رغم قصر زمن السّفر، فربّما قضى في المطار، وربّما صعُبت في حقّه إجراءات السّفر حتّى سافر إلى الدّار الآخرة قبل أن يُسافر إلى مناسك الحجّ. وحتّى إن كان السّفر في أيّامنا مريحًا إلاّ أنّ ركوب الطّائرة أو الباخرة ليس بالأمر السّهل عند بعض النّاس، لذلك يتأكّد في حقّ المسافر إلى الحجّ أن يؤدّي الحقوق الّتي عليه، وأن يَكتب وصيته قبل سفره، ويُوَدع النّاس ويوَدعوه، ويستَسْمِحهم ويستسمحوه، فقد يعود وقد لا يعود.

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: