+ -

تعيش مناطق الشقفة والميلية والطاهير بولاية جيجل حالة استنفار وخوف شديدين بعد تسجيل حالات لمرض التهاب السحايا، استقبلتها المؤسسة الاستشفائية السعيد مجذوب بمدينة الطاهير بولاية جيجل. وفيما نفت مديرية الصحة للولاية تسجيل وفيات، أكدت عائلة مصاب وفاته متأثرا بمرض التهاب السحايا استنادا لنتائج التحاليل الطبية. كشفت عائلة المرحوم محمد صالح منغور من بلدية الشقفة بولاية جيجل وفاته متأثرا بداء التهاب السحايا بالمؤسسة العمومية الاستشفائية السعيد مجذوب بمدينة الطاهير بجيجل، حيث ظهرت عليه أعراض المرض يومين قبل عيد الأضحى المبارك، ولم يتم تشخصيه إلا عشية وفاته في الرابع من الشهر الجاري.وقال السيد ياسين منغور ابن الضحية، في تصريح لـ”الخبر”، إن والده اشتكى من حمى وآلام على مستوى البطن، وتنقل بنفسه إلى المركز الصحي بالشقفة، حيث قامت طبيبة عامة بفحصه ووصفت له دواء للحمى، إلا أن الدواء الذي استعملته لم يأت بنتيجة، واشتدت عليه الحمى وبدأ يعاني من التقيؤ المستمر.وأضاف محدثنا الذي أكد أن والده لم يكن يعاني من أي مرض “أعدت والدي إلى المركز الصحي، وبعد أن كشفت عليه الطبيبة وصفت له دواء آخر، مؤكدة أنه سيرتاح بعد أيام قليلة، خاصة بعد أن قامت بقياس درجة حرارته التي كانت عادية، فيما كان هو يشكو من الحمى”.وتدهورت صحة السيد محمد صالح في ظرف قصير، حيث لم يعد يقوى على السير، وانخفض وزنه وكان يرفض الأكل وظل يعاني من التقيؤ المستمر، لتقوم عائلته بنقله إلى المؤسسة العمومية الاستشفائية السعيد مجذوب بمدينة الطاهير، وبعد أن تم الكشف عليه في مصلحة الاستعجالات، وصفت له الطبيبة دواء للقيء، وتلقى جرعات من المصل، ثم عاد إلى البيت. ويواصل الابن ياسين “ما إن وصلنا إلى البيت حتى ظهرت عليه أعراض أخرى، حيث بدأ يهذي فأعدته إلى المستشفى، حيث كشفت عليه طبيبة أخرى وطلبت مني إجراء أشعة لوالدي وتحاليل خارج المستشفى”.وذكر محدثنا أنه عانى الأمرّين ليجري الأشعة لوالده “لم أتمكن من السيطرة عليه، فرغم ضعفه وتعبه قاومنا ورفض الخضوع للأشعة، فأعدناه إلى المستشفى حيث حُقن بمهدئ، تم أعدناه لإجراء الأشعة بصعوبة غير أننا لم نتمكن من إجراء التحاليل’”.وواصل ياسين موضحا أن الطبيبة بعد اطلاعها على الأشعة، أكدت أن والده لا يعاني من مرض، والأغرب أنها “نصحتني بتوجيهه إلى طبيب نفساني لأن مرضه نفسي وليس عضويا ولا سبب يستدعي بقاءه في المستشفى”.تدهورت حالة والده بعد عودته إلى البيت، ليضطر ياسين إلى إعادته في اليوم الموالي إلى المستشفى، وبعد أن تم فحصه لاحظت الطبيبة وجود طفح جلدي على جسده، فأعلمته بأنه يعاني من التهاب السحايا بنسبة 80 بالمائة، وتم عزله في غرفة منفردة وطلبت من عائلته عدم الاقتراب منه، حيث تم أخذ عينة من النخاع الشوكي “وأكد لنا الأطباء بعد ظهور نتائج التحاليل إصابته بالتهاب السحايا، حيث قضى الليلة بالمستشفى وتوفي صبيحة اليوم الموالي”، يقول ياسين.مدير الصحة ينفي وجود وفياتارتفع عدد المصابين بداء التهاب السحايا على مستوى ولاية جيجل إلى 84 حالة تم استقبالها على مستوى كل من مستشفى السعيد مجذوب بمدينة الطاهير ومستشفى بشير منتوري بمدينة الميلية.وذكرت مصالح مديرية الصحة والسكان في الولاية أن أولى الحالات كانت قد سجلت خلال شهر جوان الماضي بضواحي منطقة الميلية، حيث استقبل مستشفى المدينة 50 شخصا ممن ثبتت إصابتهم بالداء، قبل أن ينتشر المرض على مستوى بلدية الطاهير التي سجلت بها 34 حالة لأشخاص ينحدرون من بعض أحياء المدينة وبلديات مجاورة لها على غرار الشقفة، القنار والأمير عبد القادر، آخرها حالة تم استقبالها أول أمس بمستشفى السعيد مجذوب.وفي وقت حلت أمس لجنة من معهد باستور بالولاية قصد التحقيق في الأسباب الحقيقية لانتشار هذا الداء الذي أشارت مصادر طبية إلى أنه من النمط “الفيروسي”، كشف مدير الصحة والسكان بالولاية، السيد لقواسم عمار، في تصريح لـ”الخبر”، أن الحالات التي تم تسجيلها لا تدعو للقلق، مؤكدا على أن كل الأشخاص الذين تم استقبالهم سواء على مستوى مستشفى الميلية أو الطاهير غادروا المستشفى بعد تلقيهم العلاج باستثناء الحالة التي سجلت أول أمس والتي تبقى تحت العناية الطبية بمستشفى الطاهير، حيث أرجع أسباب انتشار المرض إلى الاضطرابات الجوية التي شهدتها المنطقة والتي ساهمت، حسبه، في انتقال الفيروس الناقل للداء بسرعة بين الكثير من الأشخاص.  ونفى المسؤول ذاته، من جهة أخرى، الإشاعات التي تتحدث عن وجود حالات وفاة في أوساط المصابين بسبب داء التهاب السحايا، مشيرا إلى أن بعض الكبار توفوا في وقت سابق بسبب مضاعفات أمراض مزمنة كانوا يعانون منها. 

مدير معهد باستور البروفيسور كمال كزال لـ”الخبر”“الفيروس حيواني ولا خطر له على الإنسان”أكد مدير معهد باستور، البروفيسور كزال، في اتصال مع “الخبر، أن الفيروس الذي تم الكشف عنه بمستشفى الطاهير في جيجل حيواني المصدر ولا خطر له على الإنسان، بدليل أن كل الحالات التي استقبلها مستشفى جيجل خضعت للكشف، وعاد كل المرضى إلى بيوتهم بعدما خضعوا للعلاج الأولي.  وأضاف محدثنا أن الأمر يتعلق بفيروس “ويست نايل” أو فيروس غرب النيل الذي ينتقل عبر الأنواع المختلفة من البعوض الذي تعد الناقل الرئيسي له، كما تعد الطيور أكثر الحيوانات إصابة به وبالتالي تعمل كـمضيف مستودع له خاصة “العصفوريات” التي تنتمي لأكبر صنف من الطيور، مشيرا إلى انتقاله للمصابين بجيجل تم عن طريق تلك الطيور، وهو ما بينته التحاليل التي أجريت بعين المكان، ليوضح كزال أن الفريق الطبي المختص الذي أرسله معهد باستور الجزائر للوقوف على الوضع، تولى تحديد صفة الفيروس وهو بصدد الكشف في الأيام المقبلة عن الكيفية التي انتقل منها ذات الفيروس من الطيور إلى الإنسان.البروفيسور خياري محمد المختار“المــــرض يصبــــح قاتــــلا في حـــــال التهـــــاون في تشخيصـــــه”يُعرّف البروفيسور بمصلحة طب الأطفال بمستشفى بني مسوس، خياري محمد المختار، التهاب السحايا بأنه مرض يصيب الأغشية التي تحيط بالمخ والنخاع الشوكي، ويمكن أن يصيب الأشخاص من جميع الأعمار، لكنه أكثر خطورة على الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، لأنهم أكثر ضعفا.ويكون هذا المرض نتيجة التهاب فيروسي أو مرض السل أو تعفن السحايا الجرثومي الذي يعدّ الأكثر انتشارا ويشكل خطورة، خاصة في حال وجود جرثومة تدعى ‘’المنانفكوكسيس’’، ما قد يتسبّب في حدوث وباء.ويحدث هذا النوع من الالتهاب بسبب أمراض التهاب الحلق أو التهاب الأذن أو في حال وجود تعفن جلدي.أما بالنسبة لالتهاب السحايا الفيروسي فلا يشكّل في الغالب خطورة على المريض، إلا في حال ما إذا انتقل إلى المخ، وهذا نادر جدا، وهو نفس الشيء بالنسبة لالتهاب السحايا الناتج عن مرض السل، لأن الحكومة قامت بحملة تلقيح الـ’’بي سي جي’’ وأخرى.ونفى البروفيسور خياري أن تكون لالتهاب السحايا علاقة بالتقلبات الجوية، وإنما بمشكل التعفنات وعدم الوقاية الصحية “بدليل أن حالات التهاب السحايا أقل حدوثا في البلدان المتقدمة التي تعرف تقلبات مناخية على مدار السنة”. وأوضح محدثنا أن المرض يكون معديا في حال كان سببه جرثومة ‘’المنانفكوكسيس’’، حيث تنتقل العدوى بين الأطفال عن طريق اللعاب والإفرازات الأخرى للجهاز التنفسي، مثل السعال والتقبيل. أما عن أعراض الإصابة بالمرض “وهي نفسها في جميع أنواع التهاب السحايا”، أفاد البروفيسور بأنها تتمثل في الحمى التي تصل إلى 40 درجة، فبالنسبة للأطفال قد يكون معكّر المزاج ويبكي كثيرا، مع الانقطاع عن الرضاعة أو الأكل، وقد يدخل الطفل في غيبوبة فجأة، وفي هذه الحالة يجب أخذ الطفل مباشرة إلى المستشفى، وعلى الطبيب المعالج أن يقوم بحقن سحايا أسفل الظهر، كأول خطوة ضرورية لتشخيص المرض وتحديد نوع الالتهاب. ويجب أن نشير إلى أنه في حال حدوث تهاون في اكتشاف المرض، يصبح قاتلا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات