+ -

 من يزور مقر اتحاد الكتاب ومن يعرف الأدب الجزائري ووجه، بلا شك سيستغرب كيف صار هذا المقر الكائن يسار شارع ديدوش مراد بالعاصمة. لن تجد أمين الزاوي، لن تلتقي بواسيني الأعرج، ولا ببوجدرة، سترتشف قهوة مرة بلا دردشة في الأدب أو الفنون، بعد أن اختار الأدباء والفنانون الجزائريون المرور عبر شارع ديدوش مراد، دون زيارة مقر اتحاد الكتاب الذي تحول اليوم إلى مقهى بسيط يقدم الخدمات لزبائن معينين في العادة هم نفس الوجوه.لم يعد هذا البيت يشد المثقف الجزائري إليه، الكل يشعر بأنه مهجور من الوجه الحقيقي للإبداع الجزائري، كل اختار الانزواء بعيدا عن هذا الصرح الثقافي الذي احتفل العام الحالي بمرور 53 عاما على تأسيسه، وحيدا بلا أبناء. شاخ اتحاد الكتاب وطارت الأحلام الكبرى التي كانت تجمع مؤسسيه، فلم يعد اليوم مكانا للذكريات، بات خاليا من الإحساس وباردا، فحتى بعض الصور بالأبيض والأسود التي علقت على جدرانه لمفدي زكريا، أبو القاسم سعد الله والطاهر وطار لم تجعل المكان حميميا كأي مقهى يشعرك بالرهبة عندما ترتشف قهوتك وأنت تدرك بأنك جالس على مقعد كان يحتضن في زمن ما كاتبا أو فنانا أو مبدعا عشت تحبه.يدعوك النادل في هذا المكان بأن تستعجل الرحيل، أن تدفع مقابل 45 دقيقة ثم تغادر، فمقر اتحاد الكتاب تزوره اليوم وأنت لا تدري لماذا؟ فإن كانت رغبة جامحة في أن تكون ضمن طاولة يؤنسك فيها حديث الكاتب الفولاني أو الشاعر الفولاني، فأنت مخطئ، وإن كانت خطوات للبحث عن حقوقك ككاتب أو مبدع فأنت أيضا مخطئ الطريق، فلا هذا ولا ذاك نجده في مقر الاتحاد الذي يصر على أن يوصد أبوابه كأي محل من محلات ديدوش مراد، عند الساعة السادسة يرفع الستار ويسود الظلام لتتوسد جدران اتحاد الكتاب أرق السنوات الأخيرة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: