"التهم لا تخدم الثقافة بقدر ما تضيّق على حرية التعبير"

+ -

قال الباحث والأستاذ الجامعي، الدكتور بومدين بلكبير، على صفحته في “الفايس بوك”، إنه تفاجأ لقرار منع  كتابه الذي يحمل عنوان “الربيع العربي المؤجل- الكوابح السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية للتغيير في الجزائر” الصادر عن دار النشر: فضاءات للنشر والتوزيع، من المشاركة في الصالون الدولي للكتاب بالجزائر، وفي هذا الحوار مع “الخبر” يوضح الكاتب أسباب المنع والإرهاصات التي بنى عليها مؤلفه وبعض المضامين الواردة فيه.لماذا منع كتابكم “الربيع العربي المؤجل- الكوابح السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية للتغيير في الجزائر” من العرض في الصالون الدولي للكتاب بالجزائر؟            صيغت مجموعة من المبررات غير الموضوعية لمنع الكتاب، من أهمها أن الكتاب يحرّض على العنف ويمس بالاستقرار، وهذه التهم لا تخدم الثقافة والفكر الحر، بقدر ما تضيّق على حرية التعبير، حتى أن متغيّرات العصر تجاوزت المنطق القرن الوسطي. فلست هنا بصدد الدفاع أو في دور الضحية، بل الخاسر الوحيد من هكذا قرارات وممارسات هو البلد والثقافة. حاولنا من خلال هذا الكتاب تحليل و«فهم أهم الخلفيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للأزمة الجزائرية اليوم”، من خلال عدم التنكر للوطن والاعتراف بأفضاله (أنظر ص 241 من الكتاب)، وكذلك التطلع للتمتع “بما تنعم به الشعوب الأخرى” المتقدمة. كما وضعنا في ملحق الكتاب رسالة نشرت في الإعلام الوطني في بداية عام 2011 كنت من بين الموقّعين عليها (والخبر من بين الصحف التي نشرت الرسالة كاملة بأسماء الموقعين عليها)، أين كان البلد يعيش ظرفا خاصا، ووصلت نسخة منها إلى الرئيس (من خلال لجنة بن صالح)، والرسالة بمثابة أرضية مطالب سلمية تنبذ العنف “حققت إجماعا واسعا” (وقّع عليها مئات المثقفين والأساتذة آنذاك).إذن فالسبب الرئيسي هو أن كتابكم يحرّض على العنف؟ كيف لكتاب يحرّض على العنف، أن يدعو بين دفتيه إلى الحفاظ على القيم المجتمعية والإنسانية من أجل حماية البلد من الأزمات والهزات المفاجئة التي تهدد أمنه؟ وهل من المنطقي المساس باستقرار البلد من خلال الحديث عن الحكومة الإلكترونية التي  تعتبر مفهوما جديدا، يقوم على كفاءة وفعالية استخدام الموارد الحكومية لضمان خفض التكاليف ورفع إنتاجية القطاع العام وتحسين أدائه وزيادة الشفافية والحد من الفساد وزيادة رضا المواطنين ومختلف الأطراف الأخرى المتفاعلة... الخ” (ص 202 من الكتاب). صحيح أن الكتاب انتقد الكثير من العادات والسلوكيات والممارسات السيئة والانحرافات المنتشرة في المجتمع ككل (سلطة وشعبا ونخبة مثقّفة) بعيدا عن لغة التجميل والمجاملات، لأن الكثير من التشوّهات لا تنفع معها العمليات التجميلية والترقيعية بقدر ما تحتاج إلى تشخيص دقيق وموضوعي من أجل علاجها.لعل كلمة “مؤجل” التي حملها عنوان مؤلّفكم أثارت حفيظة القائمين على الصالون، ورأوا فيها تحريضا على حالة الاستقرار  التي يعرفها البلد؟كلمة “مؤجل” بمثابة تحذير، ولتجنيب البلاد أية هزات محتملة، خصوصا مع الظروف الإقليمية المستجدّة وهشاشة الأوضاع الداخلية، أظن أن عنوان الكتاب هو من استفز القائمين على الصالون، وهو ما بدا جليا من خلال ذكر العنوان (حصرا) أمام الصحافيين الذين قاموا بتغطية الندوة الصحفية. والعامل الثاني الذي لفت انتباههم للكتاب وأثار تلك الردود المبالغ فيها هو غلاف الكتاب. أما مضمون الكتاب فيتجه نحو التنمية والبناء لا الهدم وتهديد الاستقرار في دولة العدل والعلم والعمل (ص 245)، وفي ظل التمسك بالنظام الجمهوري (ص 246)، وحماية الحريات والحقوق الأساسية (ص247)، واعتماد مبدأ الحوار والشراكة (ص 249).  ما العلاقة بين مؤلّفكم الأول “الربيع العربي المؤجل” والبحث الذي أعقبه فيما بعد والذي تناولت فيه واقع المثقف العربي؟بحث المثقف العربي يدخل في إطار نقد أدوار المثقف العربي (المراجعات)، وهو عبارة عن دراسة بحثية شملت عيّنة واسعة من المثقفين العرب المقيمين في بلدانهم أو في المهجر. وإذا أردنا أن نتحدث عن العلاقة بين الموضوعين ونقاط الالتقاء والتقاطع بينهما، يمكن الحديث عن ردم تلك الفجوة السائدة بين المثقف والمجتمع الذي ينتمي إليه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى معالجة العلاقة المعتلة بين المثقف والسلطة، من خلال نقد تلك الصورة الدونية والنمطية التي تنظر بها السلطة للمثقف وكذلك ارتماء الكثير من المثقفين العرب في أحضان السلطة (مهما كان شكلها) على حساب القيم والمبادئ التي كانوا ينادون بها. وهذا الوضع غير المتوازن ساهم في تأخر المثقف العربي عن القيام بأدواره ومسؤولياته خصوصا في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها المنطقة العربية والتي عرفت الكثير من الهزات الخطيرة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات