المدرّبون الأجانب "ينهبون" أموال النوادي الجزائرية

+ -

أصبحت بطولة الاحتراف في الجزائر “منجم ذهب” للمدرّبين الأجانب الذين يتوافدون تباعا، على اختلاف كفاءاتهم، ويقبلون العمل في محيط لا يمت للاحتراف بصلة، عنوانه “الفوضى واللاّقانون”، غير أن هؤلاء يحرصون على إبرام عقود تضمن لهم كل حقوقهم بقوة القانون وتجعلهم “ينهبون” الأموال، مستثمرين في جهل عديد الرؤساء للقوانين ولتبعات أي قرارات ارتجالية بفسخ العقد من طرف واحد أو استعمال أسلوب الضغط لإرغام هؤلاء على الرحيل دون تعويض.يستثمرون في فوضى الاحتراف وغياب القوانين وشعبوية الرؤساءالمدرّبون الأجانب.. “شرّ” لابدّ منه حاد الاعتماد على المدرّبين الأجانب في البطولة الجزائرية عن أهدافه الأولى، وتحوّل خيار رؤساء النوادي الجزائرية، من الاستفادة من الخبرة الأجنبية لتطوير أداء الفرق، إلى “امتياز” فقط، الهدف منه ذرّ الرماد في عيون المناصرين وجعل اللاّعب المحلي مرغما على احترام قرارات المدرّب من منطلق “عقدة” المدرّب الأجنبي، وبات هذا التغيّر الكبير جوهر الإشكال القائم على الدوام بين المدرّبين الأجانب والرؤساء، بعدما تبيّن أن “الخيار الفني” هو آخر اهتمامات من يحكمون قبضتهم على النوادي الجزائرية بيد من حديد ويعيثون فيها فسادا دون حسيب أو رقيب.مفهوم خيار المدرّب الأجنبي، لدى عديد الرؤساء، له عدّة معان، غير أن الرغبة في الارتقاء بالفرق إلى أعلى المستويات مفهوم منعدم تماما وليس موجودا في قاموس المسؤول الجزائري، وأضحى المدرّب الأجنبي القادم من أوروبا بدرجة خاصة “بريستيج” يدخل ضمن مخطط عمل أي رئيس قبل انطلاق الموسم لتلميع صورته من جهة، والتباهي أمام نظرائه من الرؤساء ولإسكات أفواه المنتقدين من المعارضة أو المناصرين، للقول لهم بأن فريقهم، تحت إشرافه، لا يقلّ شأنا عن بقية الأندية الأخرى التي تستنجد بالخبرة الأجنبية، اقتناعا منه بأن المدرّب الأجنبي يحمل دلالات قوية على أن الفريق يتم تسييره فعلا بطريقة احترافية.عدم جدية الرؤساء وانعدام بُعد النظر وسياسة واضحة لتطوير الأندية وهيكلتها بالشكل الصحيح وفق ما يقتضيه دفتر شروط الاحتراف، جعل التواجد الأجنبي، سواء لاعبين أو مدرّبين، مجرّد شكليات فرضها واقع الاحتراف والفوضى التي تعيشها كرة القدم الجزائرية المتوارثة منذ عهد الممارسة الهاوية لها، وهو وضع قاد منطقيا إلى تنامي الخلافات بين الأندية الجزائرية والمدرّبين الأجانب، حين يقرر المسؤول الجزائري التخلّي عن خدماته، لمجرّد زيادة ضغط الشارع الناتج عن ضعف النتائج.وبما أن تداعيات فسخ عقد مدرّب أجنبي تختلف تماما عمّا هو عليه الحال مع مدرّب جزائري، فإن احتراف المدرّبين الأجانب يجعلهم لا يرضخون لأي ضغوطات ويفرضون على رؤساء الأندية احترام بنود العقد، خاصة من جانب التعويض المالي ، ومن هنا تأخذ الخلافات أبعادا تكون خطيرة أحيانا حين يستنجد هؤلاء بالاتحادية الدولية لكرة القدم لإرغام من يُسيّرون أندية الاحتراف بعقلية هاوية على احترام القوانين وبنود العقود المبرمة تحت طائلة العقوبة، بشكل يأخذ هذا التهديد صورة كاريكاتورية مؤلمة، تبيّن وكأن المدرّب الأجنبي يقول للمسيّر الأجنبي إن إبرام عقد احتراف مع ناد هاو، يعيش في محيط تداس فيه كل القوانين، لا يعني بالضرورة بأن حقهم سيضيع طالما أن ثمّة هيئة تضمن الحقوق وتروّض من يجهلون أو يتجاهلون القوانين.وفي ظل جعل رؤساء النوادي الجزائرية الشعبوية كحصان رهان لاستمالة المناصرين والتصدّي للمعارضة، أصبح احترام القوانين ولبس ثوب الاحتراف في التعامل وفي التسيير آخر اهتمامات كل المسيرين، ومن هنا غابت عقود عمل المدرّبين واللاّعبين الأجانب على حدّ سواء، وسمحت المواسم المنقضية بكمّها الكبير من الفضائح في العمل والتعامل مع الأجانب من المدرّبين، بتبلور فكرة واضحة لدى هؤلاء عن الواقع التعيس لمشروع الاحتراف في الجزائر، ودفعتهم قناعتهم بأن الاحتراف والأندية الجزائرية خطّان متوازيان لا يلتقيان أبدا، إلى الاستثمار أيضا في استغباء رؤساء النوادي الجزائرية للجماهير باسم “المدرّب الأجنبي”، من خلال إبرام عقود “قوية” تضمن لهم حقوقهم عاجلا أم آجلا.ولم يصبح العمل بطريقة غير قانونية يُحرج أي مدرّب أجنبي مهما كانت مكانته، ودفع منطق “اللاّقانون” والضغوطات الغريبة التي يعيشها هؤلاء من “المقربين من النادي”، واكتشافهم للمستوى المتواضع لعديد الرؤساء، إلى جعل جمع المال وتحويل رواتبهم الشهرية من العملة الجزائرية إلى العملة الصعبة في “السوق الموازية”، ثم تهريبها بشكل غير قانوني أيضا إلى بلدانهم، أولى الأولويات تواجدهم في الجزائر.المدرّب الأجنبي في المحيط المتعفّن لكرة القدم الجزائرية، أضحى “شرّا لابدّ منه” بعقلية الرؤساء، فلم يعد هؤلاء يكترثون لتبعات التسيير العشوائي لأنديتهم وتداعيات فضائحهم مع هؤلاء وانعكاسات قراراتهم الارتجالية على كرة القدم الجزائرية من خلال تهديدات “الفيفا”، طالما أن “الخبرة الأجنبية” تضمن، ولو إلى حين، إسكات أفواه المنتقدين وتضمن لهم البقاء في مناصبهم قصد الانتفاع من مشروع احتراف كرة القدم الجزائرية.أهم الملفات التي اصطدم فيها المدربون الأجانب مع النوادي الجزائرية التقني الفرنسي، فرانسوا برتشي قدّم شكوى ضد مولودية الجزائر وشباب قسنطينة وطالب بمستحقاته المالية بعد إقالته. التقني الفرنسي روبير نوزاري لجأ إلى “الفيفا” وطالب بتعويضات مالية من مولودية الجزائر ونال 97 ألف أورو. التقني الفرنسي ألان ميشال طالب بتعويضات مالية من مولودية الجزائر، بعد فسخ عقده ونجح في استرجاع جزء كبير من الأموال التي يدين بها. التقني البرتغالي أرثور جورج ومساعده البرازيلي فالدو اشترطا تعويضات مالية من مولودية الجزائر بعد فسخ عقديهما. التقني الفرنسي جون ميشال كفالي رفض مغادرة مولودية وهران دون تعويضات مالية أو وثيقة رسمية بفسخ عقده من جانب واحد. التقني الفرنسي غوافيك اشتكى إلى “الفيفا” للحصول على أمواله من مولودية العلمة وشبيبة الساورة. التقني الفرنسي بيرنارسيموندي طالب بتعويضات مالية من شبيبة الساورة بعد إقالته. التقني الفرانكو ـ إيطالي غارزيتو طالب شباب قسنطينة بتعويضات مالية بعد فسخ عقده.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: