+ -

أعادت رغبة نادي “روتاري” في تمويل النادي الرياضي “سريع غليزان، الناشط في بطولة المحترف الأول لكرة القدم، إلى الواجهة أصولها وتاريخها في الجزائر، وارتباطها مع نادي “روتاري” العالمي، وعادت معها الصورة التي ألصقت “عنوة” بهذه الجمعية، فرع الجزائر، بأنّها امتداد للمنظمة العالمية “الماسونية” وحتى التيار “الصهيوني” في العالم. وفي هذه الورقة تعود “الخبر” إلى “روتاري الجزائر” التي تضم في صفوفها قيادات وإطارات سامية، منهم وزراء. قبل الخوض في “الروتاري” فرع الجزائر، نورد لمحة حول “الروتاري” العالمي. النادي هو منظمة تطوعية للخدمة العامة، أسّسه في شيكاغو في عام 1905 المحامي بول هاريس و3 من أصدقائه هم سيلفستر شيلي، تاجر فحم، وجوستافوس لوير. ويعني اسم “روتاري” التناوب، لكون الاجتماعات كانت تعقد بصورة دورية. ويهدف النادي إلى خدمة المجتمع الذي يقع النادي في دائرته وخدمة أعضائه، من خلال توثيق الصلات بين الأعضاء الذين ينتمون لمهن مختلفة. واتسعت عضوية النادي بمرور الوقت لتشمل في العام 2006 حوالي 1.2 مليون عضو في 32 ألف نادي من 200 بلد. ويتم ضم النوادي في مقاطعة معينة إلى ما يعرف بـ“منطقة الروتاري”.ويُدافع الروتاري عن نفسه قائلا إنه يدعو إلى قيّم السلام الدولي، ونشر القيم والأخلاق الحميدة لخدمة المجتمع. وبأن النوادي تعمل وفقا لقوانين البلدان المشهرة فيها، وتحت الإشراف المباشر للهيئة الإدارية التي تشرف على النشاط التطوعي والجمعيات الأهلية في كل بلد، وليس لنوادي الروتاري أي أجندات سرية غير معلنة، كما أن اجتماعاتها مفتوحة للجميع. وتقوم النوادي بتنفيذ مشاريع خدمية تعالج التحديات الحالية مثل الأمية، الجوع، الفقر، المرض، نقص المياه النظيفة وتلوث البيئة، مع الحث على المحافظة على أعلى المستويات الأخلاقية في حياتهم المهنية.هذه مخططات الروتاريوحاليا، يعقد أعضاء النوادي المنتمية لروتاري اجتماعات أسبوعية، من أجل التخطيط لمشاريع خدمة المجتمع، وبحث مواضيع البيئة المحلية والعالمية، بالإضافة إلى التمتع بالزمالة بين الأعضاء. ويزعم الروتاري بأن نواديه غير سياسية ومفتوحة أمام كل الأعراق والثقافات والمعتقدات دون تمييز أو تحيز.أمّا في العالم العربي، فتقوم نوادي الروتاري بمشاركة المجتمع المحلي في همومه وفي معالجة مشاكله، ومن ذلك البحث عن توفير المياه النظيفة والصالحة في المؤسسات التربوية وفي القرى، وتأهيل القرى النائية المعدمة والمحرومة من برامج التنمية، إضافة إلى تكفلها مثلا بعمليات جراحة القلب للأطفال، وتوفير العديد من حملات التوعية، والتبرع لعلاج مرضى السكري والسرطان والكبد والسل وغيرها، والمساهمة في تخفيف وطأة أمراض المجتمع من تدخين وإدمان والعنف الأسري وطيش القيادة وغيرها.وفي الجزائر تحديدا، بدأ ظهور دور روتاري في الحياة الجمعوية بشكل لافت مع الوزير جمال ولد عباس عندما كان يحمل حقيبة التضامن الوطني بدءا من سنة 2003 إلى غاية 2010، فقد أشرف خلال سنة 2008 على توقيع اتفاقية مع نادي روتاري والجمعية السويسرية “دوماني” فرع الجزائر، تخص ضبط أدوار الوزارة والجمعيتين في تشييد وتسيير مركز مساعدة خاص بالمعوقين في ولاية بومرداس. و يجدر التذكير هنا بأن الوزير السابق الدكتور جمال ولد عباس (عضو المكتب السياسي للأفالان حاليا)، هو عضو بارز في نادي روتاري.وكان نصيب تمويل روتاري في هذه الاتفاقية التي أسالت الكثير من الحبر آنذاك ليس بسبب قيمة التمويل (30 ألف أورو) وإنما عن التمويل في حد ذاته، وذلك نظرا لالتصاق صلة النادي بـ “الماسونية العالمية” إلى يومنا هذا، وكان دور وزارة التضامن الوطني آنذاك تقديمها وتسهيل كافة الإجراءات الإدارية والقانونية، ما أثار موجة سخط عن “المعاملة التفضيلية” التي حظي بها نادي روتاري من بين بقية الجمعيات الوطنية المحلية الجزائرية 100%. وربطت آنذاك هذه التسهيلات للنادي الذي كان يرأسه وقتها الهادي مراوبي، بعلامات استفهام عديدة، ربما للعضوية الكبيرة والنافذة في هذا النادي الذي يتكون من إطارات دولة ورجال أعمال نافذين، ويتخذ من جناح في فندق الأوراسي بالعاصمة، مقرا دائما له.مسؤولون فخورون بروتاريولا يتحرج مسؤولون كبار في الدولة من انتمائهم لروتاري فرع الجزائر، حتى وإن ارتبط اسمها بالصهيونية والماسونية العالميتين. وكان دافعهم الأعمال الخيرية، بغض النظر عن الارتباط، فضلا عن إسعاد الفقراء والمساكين. كما لم يكن أعضاء النادي ليُخفوا نشاطهم في فضاءات عمومية تحضرها وسائل الإعلام بدعوات رسمية.وفي سنة 2008، أقيم حفل للاحتفال بذكرى تأسيس الروتاري العالمي في فندق سوفيتال بالعاصمة، وكانت المناسبة متزامنة مع إعلان المشاركة في نشاط إنساني تحت غطاء مؤسسة الأمير عبد القادر، ورفعت في الحفل شعارات “نشر مبادئ التسامح وقيم الحوار الحضاري”، وهي نفسها المبادئ التي يقول أعضاء روتاري دفاعا عن أنفسهم إنهم يؤمنون بها.ومن الأسماء الثقيلة التي ارتبط بها روتاري الجزائر رؤساء حكومات سابقون، وكذا وزراء ما يزالون إلى يومنا هذا في السلطة.. وكان روتاري، حسب تقارير إعلامية سابقة، ينشِّط باستمرار ندوات ولقاءات في فندق سوفيتال مساء كل اثنين، ويُبرز فيها حرصا كبيرا على دعوة الحاضرين بالانضمام إلى النادي وإبلاغ الغائبين لذات الغرض.ولمّا كثر الحديث عن روتاري الجزائر وأعماله “المشبوهة” في الجزائر، بالخصوص شق التمويل، خرجت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تندد بالنادي ودوره في الجزائر، فوجهت نداءها إلى وزارة الداخلية والجماعات المحلية، على أساس أن النادي “يستهدف الجزائر عبر مجموعات تنشط في الداخل على علاقة بالخارج، عن طريق تسخير إمكانيات هائلة”. كما لم تتوان جمعية العلماء المسلمين في التحذير من خطر تواجد هذا النادي في الجزائر، بالخصوص على الشباب الجزائري بحكم أنه المستهدف الرئيسي. ودعت جمعية العلماء وزارة الداخلية دائما إلى “ضرورة التفطن إلى الوضع، قبل أن تتخذ مثل هذه النشاطات منحنى آخر تعجز عن احتوائه فيما بعد، وذلك من خلال إعداد تقارير وتحقيقات بشأن كل الهيئات والنوادي التي تنشط في الجزائر بأهداف غير معلنة على غرار الروتاري العالمي”.الدولة تتحرك دفاعا عن.. روتاريوعندما أخذ الحديث عن روتاري أبعادا خطيرة، خرج دحو ولد قابلية هو الآخر لما كان وزيرا منتدبا مكلفا بالجماعات المحلية لدى وزير الداخلية، يدافع “عن شرعية اعتماد جمعية الروتاري المتهمة بالانتماء لتنظيم الماسونية المعروف بارتباطاته بالصهيونية العالمية”. وقال ولد قابلية إن “اعتماد الجمعية تم وفق قانون الجمعيات لسنة 1990”. وجاء هذا التصريح في رد ولد قابلية آنذاك على سؤال وجه له من طرف نائب سابق عن حركة النهضة علي حفظ الله. وأضاف ولد قابلية “الأجانب المقيمون بصفة شرعية في الجزائر ممن يملكون رخصة عمل، بإمكانهم إنشاء جمعيات، شأنهم في ذلك شأن بقية الجزائريين”.وزاد الغموض حول روتاري عندما قدم ولد قابلية اعترافا أورد فيه بأن روتاري يعمل وفق أجندة أجنبية، لكنه لم يثبت عنه تعديه على القانون، وهذا النادي (فرع الجزائر) انضم إلى النادي الدولي في 15 أكتوبر 1991، ولاحظ أن عملية الانضمام تمت طبقا للتشريع الوطني، لأن مصالح وزارة الداخلية لم تتلق أي تقرير أو معلومات بوجود نشاطات تتعارض مع القانون الجزائري. وأن مصالح وزارة الداخلية تتلقى بصفة دورية حصيلة النشاطات الخيرية لنادي الروتاري، فيما تخضع الهبات والمساعدات الأجنبية لفائدة الجمعيات الوطنية لتحريات وتحقيقات معمقة، وذلك بالتشاور مع المؤسسات المختصة للدولة. وأثار تعاملُ الوزير مع روتاري بكل برودة موجةَ سخط في الجزائر، بالتحديد وسط الإسلاميين، لاسيما أن الوزير اختار “الرد الإداري” ليتهرب من “الرد السياسي”. وقرأ متابعون وقتها هذا التهرب على أن الوزير يحمي بصورة غير مباشرة مسؤولين كبارا في الدولة.وكان مما قاله ولد قابلية أيضا، دفاعا عن قطاعه أولا وأعضاء الروتاري ثانيا، “الوزارة تتابع نشاط الجمعيات عن كثب، من خلال القوانين المنظمة للعلاقة بين هذه الجمعيات والجهة الوصية، وسيتم سحب أو تجميد اعتماد الجمعية إذا ثبت أنها قامت بنشاطات تتعارض مع قانونها الأساسي، أو يُشكّل مساسا بطبيعة النظام المؤسساتي الساري المفعول، أو السيادة الوطنية والوحدة واللغة الوطنيتين”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: