"أل بي بي ".. حل لأزمة السكن أم مشكلة لوزارة السكن؟

+ -

 “سكنات ذات جودة عالية بتجهيزات حديثة، تتوفر على مكيّف، ومدفأة، وثلاجة”.. هكذا وصف وزير السكن والعمران والمدينة عبد المجيد تبون سكنات الترقوي العمومي في ماي 2013، وهو تاريخ بداية الحلم بالنسبة لآلاف المواطنين الذين اكتتبوا في هذه الصيغة السكنية، غير أنه تحوّل مع مضي الأشهر إلى صُداع جديد للوِزارة الوصيّة والحُكومة معا، عندما اكتشف المكتتبون بعد قرابة 3 سنوات من استحداث هذه الصيغة أنهم “غير معنيين بالدّعم!”.مباشرة بعد تعيينه وزيرا على رأس قطاع السكن والعمران في سبتمبر 2012، أعاد عبد المجيد تبون إطلاق صيغة “عدل” التي كانت مجمّدة منذ سنوات، قبل أن يستحدث صيغة جديدة في ديسمبر من نفس السنة تخص المكتتبين الذين يتقاضون أجورا تفوق 108 آلف دينار، وتقل عن 216 ألف دينار، أي أنها صيغة استحدثت لفائدة “الإطارات” الذين لا يملكون الحق في سكنات الطبقة المتوسطة “عدل”، ولا في الصيغة المخصصة حصريا للطبقات الهشة، وهي السكن الاجتماعي.وجاء التفكير في إطلاق هذه الصيغة السكنية من أجل تلبية الطلب على السكن، خاصة مع ارتفاع قيمة العقار وانخفاض قيمة الدينار، حيث لم يعد اقتناء مسكن في مقدور العائلات الجزائرية، وحتى المواطنين الذين يتقاضون أجورا مرتفعة نسبيا.وانطلقت العملية رسميا بسحب استمارات الاستفادة من الصيغة السكنية الجديدة من على مستوى المكاتب الموجودة بملحقات المؤسسة الوطنية للترقية العقارية في سعيد حمدين والمديرية الجهوية باولاد فايت والمديرية التجارية بباب الزوار. وشهدت هذه المكاتب إقبالا كبيرا، حيث بلغ عدد المسجلين 4600 في اليوم الأول فقط، رغم أن المكتتبين لم يلموا حينها بكامل التفاصيل الخاصة بالبرنامج، فعدا كون الصيغة تحتوي على شقق من 3 و4 و5 غرف، فبقية التفاصيل وخاصة الأسعار والمواقع “يعلن عنها في وقت لاحق”، حسب تصريحات مسؤولي القطاع حينها.وخصصت الحكومة في بداية المشروع 150 ألف وحدة سكنية لهذه الصيغة، ورغم أن فترة التسجيل استمرت لأكثر من سنة، فإن عدد الطلبات لم يتجاوز 47 ألف على المستوى الوطني، خاصّة أن هذه الصيغة التي عرفت إقبالا في المدن الكبرى والمزدحمة شهدت إحجاما عنها في الولايات الداخلية والجنوبية.ورافقت هذه الصيغة السكنية العديد من النقاط التي كانت غامضة بالنسبة للمكتتبين، حيث لم تحدد المؤسسة الوطنية للترقية العقارية والوزارة الوصية منذ البداية شروط الاكتتاب كاملة، وبقي المكتتبون يترقبون الأسعار التي ستعلن عنها، آملين أن تكون في متناول الجميع، خاصة أن المدير السابق للمؤسسة الوطنية للترقية العقارية صرح بأن “الدعم سيشمل العقار والتجيهزات المُرافقة”.وبعد مدة أُعلن عن أسعار معقولة لهذه الصيغة السكنية، بحيث يتراوح سعر الشقة ما بين 450 و750 مليون سنتيم، بشكل يكون فيه متاحا لطالبي هذه الصيغة الحصول على نوع وشكل الشقة حسب الطلب.لكن هذا “الحلم” لم يستمر سوى أشهر معدودات، حيث صدم مدير المؤسسة الوطنية للترقية العقارية المكتتبين بالإعلان عن أسعار قال إنها “مناسبة لهذه الصيغة التجارية”، فيما وصفها المكتتبون بـ “الخيالية”، حيث وصل سعر المتر المربع إلى 96 ألف دينار، وقيمة الشطر الثاني من سعر السكن إلى 100 مليون سنتيم. وهو التصريح الذي أعلن به نفس المسؤول عن انطلاق أزمة جديدة اسمها “الترقوي العمومي”.المكتتبون في الترقوي العمومي يصرخون “بعنا سياراتنا ومجوهرات زوجاتنا لندفع ثمن الشطر الثاني” تنقلت “الخبر” إلى الوكالة التابعة للمؤسسة الوطنية للترقية العقارية في باب الزوار بالعاصمة، من أجل الوقوف على عملية سحب أوامر دفع الشطر الثاني من قيمة السكن، والمقدر بـ100 مليون سنتيم، لتلتقي بالعديد من المواطنين الذين بالكاد جمعوا المبلغ المطلوب، عبر الاستدانة أو بيع سياراتهم وممتلكاتهم، وعبروا عن سخطهم وتذمرهم، متسائلين عن مصيرهم. “بعنا سياراتنا ومجهوراتنا”! هي العبارة التي اختارها أحد المكتتبين للتعبير عن تذمره من قرار مؤسسة الترقية العقارية والوزارة الوصية برفع قيمة مساكن الترقوي العمومي “آل بي بي”، وقال محدثنا إن وضعيته المالية متوسطة، وشرح ذلك قائلا “أنا طبيب أشتغل في مستشفى عمومي، وأتقاضى مرتب 11 مليون سنتيم، وزوجتي لها مرتب أقل، فمن أين نحضر 100 مليون سنتيم؟”، وانتقد المتحدث مراحل عملية الاكتتاب في هذه الصيغة السكنية التي تحولت حسبه إلى كابوس يعيشونه يوميا، حيث لا يعلمون مدى جدية الوزارة الوصية في التعامل مع الملف، وما إذا كانت هذه السكنات سترى النور أم لا.انتقلنا بين باقي المكتتبين، بعضهم كان أقل سخطا، باعتبار أنه يحتفظ في رصيده البنكي ببعض الأموال التي سيسحبها بعد استخراج الأمر بالدفع، أما آخرون فقد أعربوا عن استيائهم من “عدم التزام الوزارة بوعودها”، على غرار مكتتب يشتغل إطارا في إحدى المؤسسات العمومية، انتقد الصيغة السكنية وقال إن المكتتبين يدفعون ثمن تماطل مصالح وزارة السكن في تجسيد هذا النوع من البرامج على أرض الواقع، وقال إن “مصالح الوزارة تسعى إلى ربح الوقت وإقصاء الكثير من المكتتبين، ورغم أننا أودعنا ملفاتنا لدى المؤسسة الوطنية للترقية العقارية في سنة 2013، فإننا لا نزال ننتظر”، وانتهى نفس المصدر بالسؤال عن مصيرهم “إلى متى؟”.أما السيدة نادية فوصفت قرار الوزارة القاضي برفع قيمة الشطر الثاني من سعر السكن بأنه “تلاعب”، خاصة أن المكتتبين لم يعلموا بهذه الشروط التي قالت إنها “تعجيزية” من قبل، واقترحت أن يتم تحويلهم إلى صيغة “عدل” إذا استلزم الأمر، على الأقل بالنسبة للأزواج الذين بالكاد تتجاوز مرتباتهم 10 ملايين.المكلف بالإعلام في وزارة السكن والعمران والمدينة “المحتجون على هذه الصيغة لا يمثلون المكتتبين” قال المكلف بالإعلام في وزارة السكن والعمران والمدينة أحمد مدني لـ “الخبر”، إن المحتجين على هذه الصيغة السكنية الذين نظموا احتجاجات أمام مقر المؤسسة الوطنية للترقية العقارية ووزارة السكن والعمران والمدينة لا يفوق عددهم العشرات، ولا يمكنهم أن يمثلوا آلاف المكتتبين المسجلين الذين “تهافتوا” لسحب أوامر بدفع الشطر الثاني من قيمة السكن.وأوضح المصدر ذاته بأن هذه الصيغة موجهة لأصحاب الدخل الذي يفوق 108 ألف دينار، فهم أصحاب راتب شهري محترم يمكّنهم من دفع قيمة الشطر الثاني. وأضاف بأن المعنيين، سواء الذين احتجوا أو حتى من راسلوا الوزارة وأمضوا على عريضة المطالب، لا يمثلون المكتتبين الذين يفوق عددهم 42 ألف على المستوى الوطني.على صعيد آخر قال المكلف بالإعلام “الكثير من المكتتبين الذين أحجموا عن دفع الشطر الأول من قيمة السكن فعلوا ذلك بعد إعلان الوزارة عن انطلاق عملية دفع الشطر الثاني”، وهو ما يثبت حسبه أن الصيغة ناجحة. وأشار نفس المصدر إلى أن المكتتبين تنقلوا إلى الوكالات التابعة للمؤسسة الوطنية للترقية العقارية، سواء في الجزائر العاصمة أو غيرها من المدن، من أجل دفع الشطر الثاني بشكل عادي.قائمة المشاريع السكنية الجاهزة لبرنامج الترقوي العمومي  (LPP)  30 مسكنا بحي علي عمران برج الكيفان42 مسكنا بحي علي عمران برج الكيفان42 مسكنا بحي علي عمران برج الكيفان161 مسكن بحي رابية الطاهر باب الزوار515 وحدة سكنية بلدية الرويبة132 مسكن بلدية عين البنيان2280 مسكن بين عين طاية برج البحري الرويبة2100 مسكن حي قريشي بلدية الرغاية100 مسكن بلدية باش جراح1800 مسكن بلديات زرالدة بئر مراد رايس جسر قسنطينة1700 مسكن بلديات درارية بابا حسن بئر مراد رايس50 وحدة سكنية بلدية سطاوالي82 وحدة سكنية بلدية بني مسوس48 مسكنا حي سيدي منيف زرالدة150 وحدة سكن بلدية القبة106 مسكن حي بن بوضياف بلدية باش جراح72 وحدة سكنية حي عين المالحة بلدية جسر قسنطينة128 مسكن حي علي عمران بلدية برج الكيفان183 مسكن حي سمروني بلدية اولاد فايت700 مسكن حي وادي طرفة بلدية درارية500 وحدة سكنية بالطريق الوطني رقم 63 بلدية دويرة600 وحدة سكنية حي مريجة بلدية دويرة68 وحدة سكنية بلدية زرالدة1064 وحدة حي سمروني اولاد فايت235 وحدة سكنية بلدية سطاوالي132 وحدة سكنية بلدية عين البنيان64 وحدة سكنية حي لاڤلاسيار باش جراح72 وحدة سكنية بحي بوروبة بلدية باش جراح1500 وحدة سكنية بحي روخي بلدية سويدانية700 وحدة سكنية بلدية اولاد فايتالتسلسل الزمني لصيغة الترقوي العمومي4 ديسمبر 2012: اجتماع في وزارة السكن لدراسة استحداث صيغة سكنية جديدة تسمى “الترقوي العمومي”1 جويلية 2013: الإطلاق الرسمي لصيغة الترقوي العمومي4 جويلية 2013: عبد المالك سلال مرفقا بأربعة وزراء يضعون الحجر الأساس لمشروع 106 مسكن “آل بي بي” في سمروني بلدية اولاد فايت بالعاصمة، بمدة إنجاز لا تتجاوز 24 شهر.ا6 جويلية 2013: بداية عملية الاكتتاب التي عرفت اكتظاظا كبيرا، وفوضى وطوابير لا نهاية لها في باب الزوار، ما أدى بـالمؤسسة الوطنية للترقية العقارية إلى وضع استمارة الطلب على الموقع الإلكتروني للمؤسسة للتحميل.8 جويلية 2013: إيداع 8 آلاف طلب على المستوى الوطني.25 أكتوبر 2013: مدير المؤسسة يعلن عن بداية دراسة الملفات ابتداء من 15 نوفمبر 2013.15 نوفمبر 2013: بداية دراسة ملفات المكتتبين.25 ديسمبر 2013: تصريح المدير العام للمؤسسة بأنه لا توجد أولوية في صيغة الترقوي العمومي، كون كل السكنات ستبدأ بها الأشغال في فترة واحدة.07 جانفي 2014: إعلان مدير المؤسسة عن بداية دفع الشطر الأول منتصف جانفي 2014، وسعر المتر المربع 75 ألف دينار.20 جانفي 2014: تأخير دفع الشطر الأول إلى 15 فيفري بدلا عن 15 جانفي ووصول عدد المكتتبين إلى 32 ألف.27 جانفي 2014: تبون يأمر مؤسسة الترقية العقارية باستحداث تسهيلات لدفع الشطر الأول أو التخفيض من قيمته.29 جانفي 2014: تبون يعلن أنه ليس من الممكن أن نطلب دفع نفس مبلغ الشطر الأول لمن دخله يساوي 10 ملايين سنتيم والذي له دخل 20 مليون سنتيم.10 فيفري 2014: تبون يخفض قيمة الشطر الأول إلى 50 مليون سنتيم، ويعلن بداية الأشغال في 23 ولاية لـ16 ألف مسكن.15 فيفري 2014: بداية دفع الشطر الأول.21 فيفري 2014: المدير العام السابق للمؤسسة قلاتي يعلن أن الشطر الثاني سيكون في فيفري 2015 وقيمته 50 مليون سنتيم.30 مارس 2014: مجموعة من مكتتبي الترقوي العمومي يراسلون الوزير الأول بخصوص هذه الصيغة خاصة من أجل تخفيض قيمة الفوائد على القروض.11 أفريل 2014: وزير السكن يعلن بداية المشاورات بين وزارة السكن ووزارة المالية لدراسة تخفيض قيمة الفوائد على قروض الترقوي العمومي.15 جويلية 2014: صدور المرسوم التنفيذي المنظم لصيغة الترقوي العمومي.20 أكتوبر 2014: تصريح المسؤولين بأن نسبة تقدم الأشغال تتراوح ما بين 5% و30%.1 جويلية 2014: وزير السكن يكذب خبر غلق الاكتتاب في صيغة الترقوي العمومي.1 أوت 2014: 24220 مسكن ترقوي عمومي قيد الإنشاء عبر 39 ولاية.29 سبتمبر 2015: المدير العام للمؤسسة يعلن عن رفع قيمة الشطر الثاني من المساكن إلى 100 مليون سنتيم.4 أكتوبر 2015: المكتتبون يحتجون أمام مقر الوزارة9 أكتوبر 2015: المكتتبون يحتجون أمام مقر المؤسسة الوطنية للترقية العقارية16 أكتوبر 2015: المكتتبون يحتجون أمام مقر الوزارة23 أكتوبر 2015: وزارة السكن تعلن عن انطلاق عملية دفع الشطر الثاني بداية من الاثنين 26 أكتوبر، واختيار المواقع في 1 ديسمبر 2015.26 أكتوبر 2015: انطلاق عملية دفع الشطر الثاني

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: