+ -

استطاعت مجموعة الـ19-4، في ظرف وجيز، قلب موازين القوى، بفضل الخبطة الإعلامية والسياسية التي حققتها بفعل مبادرتها الرامية إلى مقابلة رئيس الجمهورية، والشكوى أمام يديه مباشرة دون وسيط. ورغم مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على إيداع طلب المقابلة، فإن المجموعة لا تزال تنتظر وتترقب أن يرن الهاتف باتصال من مكتب الرئيس أو مدير ديوانه، يطلب منهم إرسال قائمة الوفد الذي سيحظى بالاستقبال.وإلى أن يحدث ذلك، حسب تفاؤل أصحاب المسعى، يجد المحيط الرئاسي نفسه في مأزق ليس بالسهل الخروج منه، خاصة بعد أن اختار الموقعون الاستعانة بالإعلام الذي جعل الأمر يفلت من بين أيدي الموقعين (عن قصد)، ومن أيدي المحيط الرئاسي الذي عبر عن ذلك بتوجيه انتقادات لاذعة وغير مسبوقة عليهم، قبل أن يخمد الهجوم وينشغل الناطقون باسم المحيط الرئاسي بالبحث عن مخرج بدل الاستغراق في محاولة تحجيم الزخم الذي أحدثه المسعى، وبالنظر إلى الإصرار على لقاء رئيس الجمهورية، حتى وإن طال أمد الانتظار.وحسب متابعين للحركية التي تولدت عن المسعى، في شكل مبارك ومؤيد أو رافض ومنتقد، وبين متمن لنجاحها، يقف الموقعون في حالة ترقب، هم في راحة من أمرهم، أو هكذا يبدو، بدت دائرة مؤيدي المسعى من خارج المجموعة، التي بدت مستمرة في تحدي الفريق الرئاسي، الذي يرفض التعليق على المسعى، إلا من خلال خرجات لأحزاب السلطة المنتقدة له، بينما يهم أطراف في السلطة للتدخل لتهدئة الخواطر، مع إزالة كل ما يدعو إلى تأجيجها في مشروعي قانوني المالية 2016 والاستثمار، بسبب مواد أثارت سخط الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، ومن يصنع قوتها من شخصيات ثورية وسياسية مخضرمة، إضافة إلى من عمل تحت إشراف الرئيس من أمثال وزيرة الثقافة السابقة خليدة تومي وفتيحة منتوري وزيرة سابقة للإصلاح المالي، ووزير الصحة الأسبق عبد الحميد أبركان.وما زاد من قوة المسعى، وجود أسماء كتب لها القدر أن تبقى على قيد الحياة لتعيش هذه المرحلة، وهؤلاء، مثلما يقول الكثير من المحسوبين على الرئيس بوتفليقة، لا يزال هذا الأخير يبجلهم نظير تضحياتهم وتصدرهم الصفوف الأولى في الثورة ضد الاستعمار الفرنسي.. من أمثال قائد المحكوم عليهم بالإعدام مصطفى فتال ورفيقه جيلالي ڤروج، اللذين يكونان قد تعاهدا على عدم الاستسلام دون تحقيق الهدف وهو “رؤية الرئيس”.أيضا، ما جعل المحيط الرئاسي يشعر بالقلق إن لم نقل الخوف من تداعيات اللقاء، لاسيما بعدما خلفت ردود فعل كل من الأمينين العامين لحزبي الموالاة، عمار سعداني وأحمد أويحيى، المزيد من الإصرار والاصطبار على استكمال المسعى إلى نهايته، مهما حدث وكلف من أمر.. هو تسرب معلومات تفيد بعدم انقطاع حبل الاتصالات بين مسؤولين كبار في الدولة وبعض الشخصيات في المجموعة، بدأت تؤتي ثمارها في تنازل الحكومة على مضض عن المواد المثيرة للسخط لدى تيار مجموعة الـ19.وخلافا لما جاءت به بعض القراءات، فإن قرب المجموعة من الرئيس بوتفليقة أضفى على مسعاها قوة، ودليل ذلك، عدم اكتراث السلطة وأحزابها بطلبات المقابلة التي بادرت بها أحزاب تنسيقية الانتقال الديمقراطي والحريات، وهيئة التشاور والمتابعة، بنية الإمعان في الضغط لأجل تفعيل المادة 88 من الدستور، وافتكاك بعض المكاسب في الدستور القادم.ولعل خرجة العضو في التنسيقية والهيئة، رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، الأسبوع الماضي، الذي دعا زملاءه إلى فتح قنوات التنسيق والحوار مع موقعي رسالة “الاستقبال”، والعمل معا في ما يتفق عليه الطرفان، فعلت فعلتها في إسراع بعض الأطراف في السلطة لتطويق الأمر وإبعاد أي طارئ لا يمكن التحكم فيه.وأمام هذه المعطيات، تشير الأخبار القادمة من محيط مجموعة الـ19، إلى أنها هي التي باتت تمسك بزمام المبادرة، خاصة بعد نجاحها في استمالة نواب من الموالاة لصالح إسقاط المواد المغضوب عليها، وانشغال المحسوبين على المحيط الرئاسي بـ«إيجاد مخرج لمأزق أوقعوا أنفسهم فيه”، وكان بإمكانهم تفاديه برد دبلوماسي بسيط على شاكلة “طلبكم قيد الدراسة” بدل اعتماد أسلوب لا يحبه الجزائريون.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: