من العقيد شعباني إلى الجنرال حسان.. غياب المحاكمة العادلة

+ -

 في 3 سبتمبر 1964، حكمت المحكمة العرفية بوهران على العقيد محمد شعباني بالإعدام وتمّ تنفيذ الحكم بعد ساعتين من صدوره. وفي 26 نوفمبر 2015، أصدرت المحكمة العسكرية الدائمة بوهران (يا للصدفة) حكما يقضي بأقصى عقوبة ضد الجنرال حسان.اليوم يعرف الشعب الجزائري أسباب إعدام العقيد شعباني، وغدا سيعرف الأسباب التي أدت إلى الحكم على الجنرال حسان في جلسة سرية.دون أن أتطرق للموضوع، لأن الحكم محل الطعن بالنقض وبالتالي فهو غير نهائي، أرى أنه من واجبي التذكير بانتهاكات حقوق الدفاع. موقفي من هذه القضية ومن قضايا أخرى علني، ولم أطلب إطلاقا من أي صحفي أن يكتب ما أقول دون ذكر اسمي. أوقّع على جميع تصريحاتي كمحام. وعندما أمارس السياسة، لا أختفي وراء مهنتي ولا وراء متهم محبوس. وأدلي بتصريحاتي السياسية كمواطن حر ومسؤول وليس كمحام. لأنني أعتقد أن التصريحات السياسية قبل صدور الأحكام يمكنها حقيقة أن تخدم مصالح المحامي ولكنها لا تخدم إطلاقا حقوق المتهم، بالعكس. ومن جهة أخرى، أرى أن المحامي ليس ملحقا إعلاميا لموكله ولا مخبرا للصحافيين. وأنه على كل واحد أن يمارس مهنته بكل مهنية وفي إطار احترام أصول المهنة.إن حقوق الدفاع في قضية الجنرال حسان منتهكة، ابتداء من إلقاء القبض عليه في بيته خارج القانون إلى النطق بالحكم في جلسة سرية.لقد بقي دون محام مدة أكثر من شهر، وأن الأوامر الصادرة في القضية لم تبلغ لي لأمارس حق الاستئناف وأن الوكيل العسكري لم يستدع الفريق توفيق. كما أن المحكمة التي التمستُ منها تأجيل القضية لاستدعاء هذا الشاهد الأساسي لظهور الحقيقة لم تفصل في الطلب. كما أن قرار جعل الجلسة سرية وقراءة الحكم لم يتم في جلسة علنية وفقا للقانون.مهما كانت المخاطر، فإن الواجب يفرض علي التصريح بأن العدالة العسكرية استدعت شاهدين ضد الجنرال حسان. الأول مهرّب كبير ومحل عدة أوامر بالقبض، والثاني ضابط أحاله المتهم على التقاعد لأسباب لا أريد ذكرها. ولكن العدالة العسكرية رفضت استدعاء الفريق توفيق، الرئيس المباشر للمتهم كشاهد أساسي لصالح المتهم.وهنا أذكّر بكل غضب أن المحاكم العسكرية الفرنسية خلال حرب التحرير كانت تحاكم الثوار الجزائريين، من بينهم البطلة جميلة بوحيرد، في جلسات علنية بحضور الصحافة.ما فضل الجنرال حسان في ميدان مكافحة الإرهاب بصفة خاصة؟لقد التقيت به لأول مرة في قاعة المحامين بسجن البليدة وليس لي أن أقيم عمله. ولكن سأحيل إلى وثيقة وغير سرية وهي تنويه في أمر الجيش إلى العميد عبد القادر آيت وعرابي لرئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد ڤايد صالح، المؤرخة في 2011.07.17، والتي جاء فيها على الخصوص:«إن رئس أركان الجيش الوطني الشعبي يمنح تنويها إلى العميد عبد القادر آيت وعرابي، رئيس المصلحة المركزية العملياتية للبحث ومكافحة الإرهاب... لقد تمكنتُ بفضل الاحترافية والالتزام، الذي لطالما ميّز عملكم ونشاطاتكم في إطار مكافحة الإرهاب، من إبطال مكيدة إرهابية خبيثة، تمثلت في القيام باعتداء إرهابي انتحاري... والحفاظ بذلك على أرواح العديد من عناصر قوات الأمن والمواطنين. وبقدر ما ينمّ هذا التصرف الذكي على حنكتكم وتحكمكم في الميدان إنه يدل كذلك على حسن تنسيقكم مع قوات الأمن الأخرى على الميدان وتعاونكم الفعال معها، بتبليغ المعلومات الصحيحة في الوقت المناسب وبطريقة فعالة، وهو ما سمح لها بالانتشار الجيد وردة فعل نشطة ومحكمة لتفادي العمل الإرهابي الدنيء المدبر بخبث وخساسة، وإفشال مخططات المجرمين الهادفة إلى إحداث الفوضى والذعر في صفوف المواطنين الآمنين، وتحقيق صدى إعلامي ودعائي. وإذ أثمن كثيرا هذا العمل البطولي، الذي يستحق التنويه، فإنني أقدر كثيرا المجهودات التي تبذلونها والتفاني الذي ما لبثتم تعبرون عنه خدمة للوطن وللمؤسسة العسكرية التي تفتخر بكم... فليكن هذا التنويه بمثابة إشادة باستحقاقكم...”.هذا هو الجنرال الذي حكمت عليه المحكمة العسكرية بخمس سنوات حبسا نافذا ولم تمنح له حتى وقف التنفيذ لتمكينه من العلاج في مستشفى متخصص ومن متابعة العلاج في الوسط العائلي. إنه يبلغ من العمر 68 سنة ومصاب بأربعة أمراض مزمنة وقضى في الجيش 51 سنة. لكل واحد أن يتخذ موقفا من المصير المخصص للجنرال حسان.لا شك أننا سنقرأ في الصحف تعليقات “المتخصصين” في القضاء العسكري، بعض التسريبات الخاطئة تحت تغطية “مصادر مطلعة”. أقول لهؤلاء “الخبراء”: إما أن تخرجوا من السرية للنقاش العلني الجاد، وإما أن تسكتوا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: