+ -

يرى المحلل السياسي، حسني عبيدي، أن الخروج العلني للجنرال توفيق يشكل في حد ذاته حدثا استثنائيا. ويشير في حوار لـ”الخبر”، إلى أن “ثمة نبرة الرجل الجريح في رسالة توفيق، إلا أننا نستشف دعوته لعدم الزج بمؤسسته في تجاذبات السلطة”.الجنرال توفيق تكلم بعد 25 سنة من الصمت. ما الذي استوقفك في رسالته ؟برسالة مقتضبة يصبح الجنرال توفيق زعيما لأكبر حزب سياسي معارض لم يتشكل بعد. أي أنه استطاع أن يختزل جميع مفردات العمل السياسي والمطالب المعلن منها والخفي. بعبارات مهذبة يذكر بغياب الرئيس وشغور السلطة، بنهاية محاسبة من ينهب ثروات الدولة، خطر الحسابات الضيقة وصراع الأجنحة وخطر التطاول المستمر على رموز مؤسسة أمنية أصبحت العمود الفقري للبلد، وأخيرا ضرورة تحمل المسؤولية عما آلت إليه عملية تدبير شؤون الدولة.الخروج العلني للجنرال توفيق يشكل في حد ذاته حدثا استثنائيا. رفض الرجل أن يكون له موقف علني منذ ربع قرن، واليوم يدلي برأيه في قضية ذات حساسية كبيرة. قوة جهاز توفيق كانت تكمن في العمل الجماعي والاستثنائي من قبل مربع أمني تحت إمرته. وأن يصبح أحد أعمدة هذا المربع وراء القضبان يعني تحجيم الجهاز وتأديبا علنا. لم يستطع توفيق تحمل هذه الضريبة دون الرد عليها.هل الرسالة موجهة ضد الجنرال ڤايد صالح بعد أن استنفد توفيق كل إمكانيات الوصول إلى بوتفليقة، أم هي موجهة ضد الرجلين معا؟إنه تحول خطير إذا لم يتم تدارك الموضوع، لأن رسالة توفيق في النهاية تريد أن تقول إن رئيس الجمهورية غير مطلع على ما يجري في البلد. الدليل على ذلك أنه يسرد سلسلة المسؤوليات عن قرارات الجنرال حسان، والتي تصل إلى رئيس الجمهورية. كما أعتقد أن توفيق أراد أن ينبه إلى خطورة انزلاق وزارة الدفاع في عملية كسر العظام. الأمر الذي يؤدي إلى إضعاف المؤسسة الوحيدة القادرة على التدخل للإمساك بزمام الأمور في حالة الفلتان الأمني. حياد الجيش أمر ضروري وتسييس قيادته لا يخدم المصالح الوطنية للبلد.هل أخرج توفيق برسالته حرب العصب داخل النظام إلى العلن، وما هي توقعاتك لما بعد الرسالة؟الجزائر، كما يقول المرحوم أمحمد يزيد، يحكمها نظام سياسي في غرفة سوداء. أحد عوامل استقرار واستمرار النظام عدم تغول أي جناح على حساب الثاني. بمعنى آخر، توازن في القوى والمصالح. رسالة توفيق تعكس شعورا بانهيار القوى “المضادة” داخل البيت الأسود بسبب تقزيمها أو شرائها أو تسريحها. لم يبق إلا الخروج للعلن. كما تعكس نفاد الطرق التقليدية لمعالجة الأزمة واستنزاف ما بقي من قوى مضادة. وهي رسالة تذكرني، في منهجها وتوقيتها، برسالة الشاذلي بن جديد عندما استعصى عليه الحكم ولم يستطع تمرير بعض قراراته. كانت النتيجة هزات سياسية وأمنية عصفت بالأفالان وبجزء من النظام. الفارق اليوم أن المؤسسة الأمنية في وضع يختلف عن 1988. مع العلم أن الجيش لعب آنذاك دورا مفصليا في الحفاظ على الدولة ومؤسساتها.من المهم إعطاء المؤسسة القانونية الحق في معالجة قضية الجنرال حسان معالجة شفافة، حتى تعود الثقة لأعوان الأمن وللمواطنين. وتعود الثقة لنظام سياسي لا يملك مشروعا مجتمعيا ولا بوصلة تحدد اتجاهه.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: