"ثنائية "إما النظام أو داعش" خطر على الجزائر"

+ -

حاول حسني عبيدي، رئيس مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط، تفكيك ظاهرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، باستحضار العوامل التاريخية والجغرافية التي ساعدت على انتشاره، إلى أن تحول إلى مصدر تهديد لكل الدول حتى تلك التي كانت تعتقد أنها في مأمن من كل هجوم. ويقول المحاضر، الذي نزل ضيفا على ندوة “الخبر”، إن الجزائر باعتبارها دولة محورية في المنطقة، ليست بمنأى عن هذا التهديد لسببين. الأول خارجي، لأن داعش بفعل الحصار الذي يتعرض له في العراق وسوريا، يفكر جديا في أن يجعل له جيش احتياط في ليبيا ينتقل إليه مركز ثقل ما يسمى بدولة الخلافة، والثاني داخلي سببه الاحتقان السياسي والاجتماعي الذي يمكنه أن يصنع بيئة حاضنة للإرهاب.. لذلك تخوف ضيف “الخبر” كثيرا من العبث بمعنويات المنتمين إلى المؤسسات الأمنية في الجزائر، إذا كانت الغاية من إقحام الجنرالات في السجال السياسي، مؤخرا، هي تصفية حسابات بين أجنحة النظام.حسني عبيدي ينتقد خطاب التخويف من الإرهاب للإبقاء على الوضع الراهن“الجزائر تشهد فقرا سياسيا مخيفا” يعتقد حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط في جنيف، أن رهان النظام الجزائري على خطاب التخويف من الإرهاب من أجل الإبقاء على الوضع الحالي، هو من الخطورة بمكان، لأنه يضع الجزائريين أمام ثنائية رهيبة “إما نحن (النظام) أو داعش”، تقتل أي أمل في التغيير السلمي شديد الإلحاح في الوقت الحالي.ويوضح عبيدي، الذي نزل ضيفا على ندوة “الخبر”، أنه عكس ما يعتقد النظام، فإن السكون الحالي هو الذي سيؤدي بنا إلى وضع أكثر كارثية، لأن الريع النفطي الذي مكن من شراء السلم الاجتماعي هو في تناقص كبير، ما يجعل الجزائر مهددة بقنبلة اجتماعية اقتصادية قبل أن تكون سياسية أمنية”.ويشرح المحاضر في جامعة جنيف، وجهة نظره قائلا: “النظام في الجزائر حاليا (إذا اصطلحنا على تسميته كذلك)، ليس له القدرة المالية ولا السياسية ولا حتى القبول من أجل تمرير سياسات أو إجراءات صعبة يتحملها المواطن، وهذا أكثر ما يخيفني، لأن المواطن في تونس مثلا ليس متعودا على الصحة والتعليم المجانيين أو على دعم السلع والخدمات، وبالتالي استطاع الصبر على التكلفة الاجتماعية التي خلفها التغيير”.لذلك يكمن الحل، وفق رؤية الخبير الاستراتيجي، في الذهاب إلى حزمة إصلاحات لا تقصي أحدا حتى يحس الجميع بأنهم معنيون بتحمل التكلفة. وحتى هذا الحل سيكون محفوفا بالمخاطر، لأن الجزائر تعيش حالة فقر سياسي مخيف، برأيه، لأنها لا تمتلك حاليا “لا أحزابا قوية ولا جامعات أو مراكز بحثية تقوم بالدور الطلائعي ولا مجتمعا مدنيا قويا”، ما جعلها تغرق حاليا “في الصراعات الهامشية بدل أن تصل المناقشات إلى صلب القضايا الاقتصادية والاجتماعية”. ويلخص كل ذلك بالقول إن الجزائر “لا تملك أي مشروع مجتمع حاليا”.وعند هذه الجزئية، سئل عبيدي عما يروج لدى الموالاة على أنه انتقال نحو الدولة المدنية، فأجاب قائلا: “مدنية سعداني (أمين عام الأفالان) ليست المدنية التي أعرفها، والتي تعني أن المؤسسات ينتخبها الشعب وتكون لها الكلمة الأخيرة في تقرير مصيره. نحن بعيدون عن الدولة المدنية، وهذا المصطلح يتم التلاعب به وتوظيفه في غير محله”. ويتأسف المحاضر في السياق ذاته، من المآل الذي انتهت إليه جبهة التحرير الوطني بعد أن كانت مؤسسة قائمة بذاتها، لو بقيت قوية لأمكنها أن تكون قاطرة التغيير في الجزائر، ويعتبر أن “الأفالان انتهى بعد الانقلاب اللاعلمي الذي نفذه عبد القادر حجار ضد الزعيم عبد الحميد مهري”.ويتخوف ضيف “الخبر” كثيرا مما يسميها حالة “لامبالاة” بالشأن العام تغزو الجزائريين خاصة الشباب منهم، ويربط بين هذا وبين ضرورة أن تتمتع الجزائر ببنية اجتماعية قوية تقيها الخطر الإرهابي الذي يستثمر في الهشاشات الموجودة. ويقول في هذا الإطار: “الجزائر مطالبة بالحفاظ على بيئة اجتماعية سليمة لا تشكل حاضنة للإرهاب أو لأفكاره المتطرفة، وهذا لا يكون إلا باستيعاب كل قطاعات الشعب في عملية التغيير السلمي، لأن المؤسسة الأمنية لوحدها غير قادرة على المواجهة، بعد أن أدى انخفاض أسعار البترول إلى إضعاف قدرة الحكومة على التحكم في الوضع الاجتماعي”.وينطلق عبيدي من هذه النقطة ليشدد على أن الدستور، باعتباره المؤسسة الأكثر استقرارا في كل الدول الديمقراطية، يمكن أن يتم اغتنامه في خلق دينامية اجتماعية، تستوعب جميع المكونات من منظمات وأحزاب وباحثين، لإحياء النقاش من جديد حول مستقبل الجزائر ومشروع المجتمع الذي ينبغي أن تتبناه”. ولا يكون ذلك وفق الباحث إلا بالذهاب إلى مجلس تأسيسي يتم انتخابه كما حدث في كل البلدان التي شهدت عملية الانتقال.ويطمئن عبيدي المتخوفين من التغيير بأنه “لا أحد يريد رحيل النظام، لأنه، أي النظام، يمثل نسقا وثقافة صبغت شعبا بأكمله منذ الاستقلال، لذلك يجب أن يكون رحيل النظام تدريجيا وعبر الإصلاحات السياسية التي يشارك فيها الجميع”. 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: