+ -

 قالت الأخصائية في علم النفس العيادي بجامعة الجزائر2، بدوحان فايزة، إن المجرم اليوم يختلف بالكامل عن المجرم الكلاسيكي، بحيث أضحى أكثر تعقيدا ودهاء بالمقارنة بالجرائم الكلاسيكية، وتتجلى بشكل واضح في أنه ينجح في استدراج ضحاياه إلى مكان ملائم، واقتيادهم إلى مصيرهم بسهولة وزرع فيهم الثقة بحياكة سيناريو محكم حتى لا يتسلل إليهم الشك، رغم أنه غير ناضج فكريا.وأضافت ضيفة “الخبر” قائلة “يكتسب المجرمون القدرة على التخطيط وحياكة سيناريو محكم للإيقاع بالضحية وعزلها عن محيطها، ومن ثم الانتقال إلى الفعل، من حاضنة أسرية واجتماعية يسود عليها العنف، قضى في كنفها طفولته متحررا من العقوبة، إذ يقوم بضرب أخته وجيرانه دون أن يردعه أحد، وهو ما يجعله متمردا ولا يهتم برأي أحد ولا يتقيد بالقيم فيذهب أبعد من المرة الماضية في استعمال العنف. وتابعت “الكثير من المجرمين الذين “تفننوا” في قتل أقاربهم أو أصدقائهم أو التآمر على أشخاص آخرين بالتعذيب والتنكيل والتمزيق، استلهموا أفعالهم من الأفلام والقصص التي تروى بمواقع التواصل الاجتماعي، لتطبيقها بحذافيرها.وبرأي الأخصائية، فإن المجرم أضحى قريبا ويتواجد في كل مكان، بل أضحت الضحية تذهب بخطى ثابتة نحو المجرم، مشيرة إلى أن الكثير ممن عاشوا حياة صعبة تطبعها مشاكل عائلية، وفي مناخ مشحون بالخوف وتعرضوا لاعتداءات خلال طفولتهم مرشحون لارتكاب جرائم في أي وقت، في خطوة انتقامية لإشفاء غليله من المجتمع ويكون هذا في اللاوعي.وترى بدوحان، أن الفكر الإجرامي يكون موجود في ذهن الجناة قبل أن يرتكبوا أفعالهم، وما إن تتوفر الظروف الملائمة والأسباب المتجلية في العراك أو السرقة أو الانتقام حتى يشرع في تنفيذ تلك الأفكار بمسرح الوقائع. وألقت المتحدثة باللائمة على الأسرة وانتقدت تحوّل الكثير من العائلات إلى “مشتلة لإنتاج المجرمين”، من خلال عدم تنشئة أولادها بشكل سليم، فلا تتابع شؤونهم ولا تصاحبهم، مما ينتج برودة في العلاقة تتسم بالتكتم وعدم البوح يجعلهم عاجزين على فهم معاناتهم الداخلية.ويعكس استفحال الجريمة في المجتمع الجزائري بالنسبة لضيفة ندوة “الخبر”، انهيار فادح في القيم داخل الأسرة بشكل عام، واستقالة الكل عن أدوارهم داخل النسيج المجتمعي، مما وسّع من الفجوة بين أفراد الأسرة الواحدة وأنتج أفرادا لا يحترمون محيطهم. ومن خصائص المجرمين الذين قاموا بجرائم معقدة “تفننوا” خلالها في تحديد ضحاياهم واستمالتهم والقضاء عليهم بأساليب وحشية، ذكرت بدوحان، أن الجناة يتسلحون بشجاعة ويتخلون عن عواطفهم حتى يتمكنون من رسم تلك المشاهد الدموية بكل برودة، مشيرة إلى أن استهلاك المخدرات والأقراص المهلوسة أحد “أدواتهم” لتحقيق شخصية قاسية لا تتأثر بمظاهر العنف. وعلى النقيض من ذلك، أوضحت المتحدثة أن بعض المجرمين يتراجعون عن تنفيذ جرائمهم، رغم توفر العزم والقصد الجنائي في بادئ الأمر للقتل والتعذيب والتنكيل، وذلك بعد أن يستعطفهم الضحية بالترجي أو إيجاده في وضعية معينة كالصلاة أو البكاء، فتلين قلوب القتلة المحتملين ويغادرون المكان فورا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: