لهذه الأسباب رفض بوتفليقة تغيير بن صالح

+ -

 بإبقاء عبد القادر بن صالح على رأس مجلس الأمة في التجديد النصفي للغرفة العليا للبرلمان، يكون رئيس الجمهورية قد فضل “الاستقرار” داخل هذه الهيئة التشريعية، بالنظر إلى التعديلات الجديدة الواردة في مشروع تعديل الدستور التي وسعت من صلاحيات مجلس الأمة، الذي أضحى بمقدوره اقتراح القوانين بعدما كان دوره، منذ نشأته، مقتصرا على قبول أو رفض مشاريع القوانين دون صلاحية التعديل.تمسك رئيس الجمهورية بعبد القادر بن صالح كرئيس للغرفة العليا للبرلمان، رغم المشاكل الصحية التي يعاني منها والتي أبعدته عن تسيير الهيئة لعدة أشهر في 2015، هو قرار أملته عدة معطيات وأسباب، لا تتصل فقط بكون بن صالح من الأوفياء للرئيس والمدافعين عن برنامجه منذ 99. لقد فرضت تعديلات الدستور الجديدة نفسها في تجديد الثقة من قبل الرئيس في شخص عبد القادر بن صالح، بالرغم من سعي الأفالان الحثيث وضغطه للاستحواذ على رئاسة هذه الغرفة البرلمانية، من خلال تأكيد عمار سعداني مرارا على تحقيقه الأغلبية في مقاعد مجلس الأمة، وهي رسالة ضمنية عن أحقية حزبه برئاستها.إن تمكين مجلس الأمة من صلاحية المبادرة باقتراح القوانين ومناقشتها، بعدما كان مجرد غرفة للمصادقة فقط دون صلاحية التعديل في القوانين، يحتاج إلى شخصية مخضرمة لإدارة هذه التجربة الجديدة التي تجعل الجزائر لأول مرة يمارس فيها البرلمان بغرفتيه التشريع بكامل أوصافه، بعدما ظل هذا الأمر مقتصرا على المجلس الشعبي الوطني. ومن هذا المنطلق، يرى المتتبعون للشأن البرلماني أن رئيس الجمهورية لم يجد أفضل من عبد القادر بن صالح الذي يحوز على تجربة وخبرة طويلة، لتسيير مجلس الأمة في طبعته الجديدة (اقتراح القوانين حسب المادة 119 الجديدة من الدستور)، بحيث سبق له ترؤس المجلس الوطني الانتقالي في 94 وبعدها المجلس الشعبي الوطني ثم مجلس الأمة لعدة سنوات، وهي فترة أكسبته دراية كبيرة في إدارة النزاعات البرلمانية وفض الخلافات، وقدرة على التواصل مع مختلف الكتل البرلمانية سواء للموالاة أو للمعارضة. وتكون الطريقة التي مرر بها قانون المالية في المجلس الشعبي الوطني والفوضى التي أحدثها النواب، وعدم تحكم العربي ولد خليفة في الأمور، قد رمت هي الأخرى بظلالها على قرار الرئيس الاحتفاظ بعبد القادر بن صالح على رأس مجلس الأمة، خصوصا أن الرئيس تنتظره “أجندة” كبيرة من القوانين المراد مراجعتها، وفي مقدمتها تعديل الدستور، يسعى لتمريرها بعيدا عن القلاقل السياسية.كما أن تجديد الثقة في بن صالح فرضه أيضا اللون الحزبي الذي ينتمي إليه، وهو الأرندي صاحب الأغلبية في مجلس الأمة، وهو أحد الحزبين المساندين لرئيس الجمهورية، وهي جزئية لها حضورها في هذا التعيين والاختيار، خاصة بالنظر أيضا إلى ترؤس الأفالان للغرفة السفلى للبرلمان، ما يعني أن الرئيس راعى اقتسام المناصب بين أقوى تشكيلتين في التحالف الداعم له، خصوصا أن الأرندي كحزب لم يعرف الانشقاقات والصراعات التي دخل فيها الأفالان ولم يخرج منها إلى اليوم، ما يفهم منه أن الرئيس الذي يواجه متاعب صحية بحاجة إلى هذا السند الحزبي المضمون، بالرغم مما قيل بشأن بن صالح من أنه محسوب على مدير دائرة الاستعلامات والأمن السابق الجنرال توفيق.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: