"وزراء طلبوا من نزار عرض الرئاسة على آيت أحمد"

+ -

أنت من الذين تابعوا بدقة الأحداث المحيطة بوقف المسار الانتخابي مطلع 1992. ما قولك في الجدل بخصوص صحة أو زيف خبر العرض الذي يكون قدمه خالد نزار لحسين آيت أحمد لرئاسةالدولة، بديلا للشاذلي بن جديد؟أعطيك تفصيلا بشأن هذه الفترة الهامة من تاريخ البلاد، ربما لا يعرف إلا في نطاق ضيق. أعضاء من الجهاز التنفيذي آنذاك (حكومة سيد أحمد غزالي) طلبوا من نزار اقتراح رئاسة الدولة على آيت أحمد.من هم هؤلاء الوزراء؟ لن أكشف أسماءهم.كم عددهم؟ وزيران أو ثلاثة على الأكثر. هؤلاء طلبوا من نزار الاتصال بآيت أحمد وأن يقترح عليه رئاسة الدولة. هذا المسعى من جانب الوزراء تم قبل أول لقاء جرى بين وزير الدفاع الأسبق وزعيم الأفافاس. هذا الأمر مؤكد وأقسم بالله أنه حقيقي. ولكن لا أعرف كيف تصرف نزار، بمعنى هل عرض عليه فعلا الرئاسة في لقائهما، أم أن الجنرال محمد تواتي هو من فعل ذلك عندما أوفده نزار إلى سويسرا للقاء آيت أحمد. أما معلوماتي الشخصية، من موقعي أحد المقربين من الشاذلي بن جديد آنذاك، أن نزار لم يقترح عليه رئاسة الدولة، وإنما أن يكون عضوا في فريق من المسؤولين كان مرتقبا أن يسيروا البلاد جماعيا (المجلس الأعلى للدولة لاحقا). هل تعرف من يملك الحقيقة في هذه القضية؟ هو محمد تواتي وعلي هارون أيضا. هناك شريطا فيديو يقول فيهما آيت أحمد إنه تلقى عرضا لرئاسة الدولة، وأنه رفض. نزار من جهته قال إن أحد نسختي الفيديو عبارة عن مونتاج. ما رأيك؟ حتى لو لم يكن فيديو مركبا، بإمكان أن يقول آيت أحمد ما يريد من دون أن يعني ذلك أن كلامه الحقيقة. كنت من بين المدعوين للاستشارتين حول الدستور، الأولى تحت إشراف عبد القادر بن صالح والثانية بإدارة من أحمد أويحيى. ما هي ملاحظاتك حول مقترحات تعديل الدستور؟ بصفة عامة لدي نظرة إيجابية عن مراجعة الدستور. أظن أنهم أخذوا بعين الاعتبار التطورات المختلفة التي عاشتها البلاد. وأنا شخصيا أخذوا بعين الاعتبار ما اقترحته عليهم، مثل طلبي ترسيم اللغة الأمازيغية، كما طلبت دسترة حماية البيئة. من تابع مؤتمر باريس حول البيئة مؤخرا، يفهم مدى أهمية دسترة حماية المحيط. وألاحظ أن مشروع مراجعة الدستور يحمل هم أجيال المستقبل بخصوص البيئة.هناك أيضا قضية تحديد العهدات، فالذين طرحوا هذا الموضوع لا يمكنهم إلا أن يكونوا راضين بدسترتها ومنع المساس بالمادة التي تتضمن الحد من الترشح. ولكن مهما كان، فالدستور ليس القرآن العظيم، قد يحصل أن تخضع هذه المادة للتعديل في المستقبل، ولكن سيكون ذلك صعبا على رئيس الجمهورية، لأنه تم إدخال ذلك ضمن المجالات غير القابلة للمراجعة. في 2008 سألتك عن المادة 74 وعن فتحها بمناسبة مراجعة الدستور التي جرت في نفس العام، فقلت لي إنه من المفروض ألا يحرم أحد الشعب من التجديد لرئيسه. وأنت اليوم تستحسن غلق المادة. هناك بلدان ديمقراطية تعمل بمبدأ الحد من العهدات، ففرنسا قبل 15 سنة طبقت هذا الأمر، والولايات المتحدة الأمريكية التي تعد أكبر الديمقراطيات في العالم، تحدد الترشح بعهدتين الواحدة بأربع سنوات. فيما يخصني ليس لدي رأي نهائي بشأن تحديد فترات الترشح للرئاسة، ولكني أعتقد أن الوقت حان لغلق العهدات وإن كان هذا ليس مقياسا ديمقراطيا أساسيا. صاحب المشروع بوتفليقة برر تعديل المادة 74 في مسعى تعديل الدستور الماضي، بأن الشعب سيد في خياراته. واليوم يتراجع عن مبادرته السابقة، بذريعة “التداول الديمقراطي على الحكم”. أليس هذا تناقضا؟ تتذكر أن الحد من الترشح للرئاسة بفترتين جاء في عهد الرئيس اليمين زروال، وقد تم استحسان هذه الخطوة. ولما أغلق الرئيس بوتفليقة الترشح لقي رفضا، والآن لما عاد إلى فتحه من جديد يرفضونه! أريد أن أعود إلى موضوع ترسيم الأمازيغية..قلت إنك تبارك دسترها كلغة رسمية.. نعم، ولكن نلاحظ أن المشرع يعتبرها لغة وطنية ورسمية دون أن يضعها ضمن الثوابت. وإن كنت لا أرى في المستقبل إمكانية مراجعة هذا الأمر، ولكن ينبغي استدراك ذلك بجعلها في الثوابت. أتمنى ألا يعدو أن يكون هذا الخطأ نسيانا. أزيدك شيئا آخر، في الديباجة تجد أن الجزائريين شعب عربي. نعم، لقد تحول إلى عربي بفضل إسهام الحضارة العربية، ولكن الحقيقة أنه من أصول أمازيغية. لذلك أدعو إلى التنصيص على أن الشعب الجزائري أمازيغي وعربي. بالمفهوم الجزائري أنا عربي ولكن أصلي أمازيغي، وأظن أن الرئيس بوتفليقة نفسه قال يوما ما إن أصله أمازيغي. بعد اطلاعك على مضمون تعديل الدستور، أنت كخبير قانوني هل ترى بضرورة عرضه على الاستفتاء الشعبي أم أن البرلمان يكفي؟ ليس لدي رأي في هذا الموضوع، وما يهمني هو النتيجة التي ستكون نفسها سواء تم تمرير المشروع على الاستفتاء أم على البرلمان. بمعنى أن البرلمان سيصوت إيجابيا والشعب كذلك. ولكن المشكل الذي سيطرح في المستقبل بخصوص الدستور، كما حصل في السابق، هو تطبيق أحكامه والعمل بها واحترامها. لماذا يبدي الرئيس بوتفليقة عزوفا عن الاستفتاء؟ فقد وعد عدة مرات بتعديل عميق للدستور ولم يفعل؟ ليس لدي رأي في هذا. قلت لك إنني شخصيا لا أرى فرقا بين عرض الدستور على الاستفتاء أو على غرفتي البرلمان، لأن النتيجة واحدة. أقصد دستوريا، النتيجة هي نفسها. أطلب رأيك في هذا الموضوع، كمتابع للأحداث خلال فترة حكم بوتفليقة؟ ليس لدي رأي في هذا، ومن الأحسن أن تطرح سؤالك على صاحب الشأن. في التعديلات توجد قضايا كثيرة تتكفل بها القوانين، مثل إلغاء عقوبة السجن بالنسبة للصحافيين بسبب كتاباتهم ومواقفهم. هل فعلا هناك حاجة ملحة لإدراجها في الدستور؟ إلغاء سجن الصحفيين منصوص عليه برأيي فيما تعلق بالتجريح في رئيس الجمهورية فقط، ولكن بالنسبة لجريمة القذف لا زالت واردة في القانون. وأنت محق عندما تقول إنه كان يكفي تغيير القوانين لإعادة النظر في بعض القضايا. وأزيدك شيئا آخر، الاستئناف في القضايا الجنائية وضعوه في الدستور، بينما لا أظن أنه كان ضروريا. وفي العموم زيادة الإيجابيات لا تضر أحدا، وتنحية سجن الصحفي جزئية هامة جدا في رأيي. وتم إدخال شيء مهم في التعديل، هو حق المتقاضي في طلب تعليق المحاكمة حتى يتسنى له إخطار المجلس الدستوري، في مدى قانونية المادة القانونية التي تطبق عليه. هذه القضية أخذناها من الدستور الفرنسي. المعارضة قاطعت الاستشارة الدستورية وأعلنت رفضها مشروع تعديل الدستور. هل يمكن الحديث عن دستور توافقي، بينما جزء من الطبقة السياسية يرفضه؟ المعارضة لن ترضى بهذا المشروع مهما كانت صيغته. هذا الموضوع سياسوي، أفضل عدم الخوض فيه، أنا مناضل حقوق الإنسان، حظيت بشرف تقديم رأيي في الدستور للجنة بن صالح ثم المشاورات مع أويحيى، وتم الأخذ بمقترحاتي.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: