"عامل الثقة مفقود بين الدولتين قبل الأزمة"

+ -

ما رؤيتكم للأزمة السعودية الإيرانية؟ ولماذا وصلت إلى حد القطيعة؟ سبب الأزمة هو رد الفعل الإيراني غير العقلاني وغير المبرر، فأسلوب إيران يقوم دوما على نزعة الاستعلاء والاستخفاف بالطرف الآخر. الأزمة كانت مختلقة من قبل إيران، ولا يوجد لها أي أسس للتبرير، فعمليات تنفيذ القصاص الشرعي كانت في عمومها لمواطنين سعوديين، ما عدا اثنين (مواطن مصري وآخر من تشاد)، وطبقت عليهم القوانين السعودية عبر محاكم سعودية، وهذا أمر لا يعني أي دولة. ولم تعترض مصر أو تشاد التي لديها مواطنون ضمن قائمة القصاص، من اعترض هي إيران وعلى أسس طائفية بحته، ورغبة في ممارسة سياسية الهيمنة على الآخرين والتدخل في شؤونهم الداخلية. لذا كان رد الفعل السعودي سريعا وحازما، خاصة بعد تعرضت مؤسسات الدولة الدبلوماسية في إيران إلى الاعتداءات السافرة، وعدم قدرة أو رغبة السلطات الإيرانية بتوفير الحماية الفعلية لهذه المؤسسات، وهو التزام في القانون الدولي على السلطات الإيرانية الوفاء به. فسلوك النظام الإيراني غير الحضاري لم يكن مستغربا، هناك تاريخ طويل من التدخل في الشؤون الداخلية لدول العالم العربي، وهناك تاريخ طويل من التصرفات الاستفزازية التي لا تتناسب مع سلوك دولة تحترم نفسها وتحترم حقوق الآخرين.القرار السعودي بقطع العلاقات كان قرارا مناسبا وردا صحيحا على سلوك نظام لا يعير لحقوق الآخرين أهمية. فلا حاجة لوجود أو استمرار علاقات مع هذا النوع من الدول أو الأنظمة.كيف تؤثر هذه الأزمة على دول الجوار؟ وبأي طريقة يتم التعامل مع دعوة الرياض لإحداث قطيعة مع إيران؟ المملكة اتخذت قرار قطع العلاقات بشكل فردي، ولم تطلب قطع العلاقات بشكل جماعي. الدول التي قررت قطع علاقاتها مع إيران اتخذت هذا القرار التضامني بمبادرة منها، وبشعورها بوجوب إرسال رسالة واضحة للحكومة الإيرانية بخصوص سلوكها غير القانوني أو الحضاري، وبشعورها أن الموقف الحق يكمن بجانب الموقف السعودي الذي تصرف بشكل عقلاني وقانوني.دول الجوار تشارك المملكة نظرتها السلبية نحو السلوك الإيراني الذي يتبنى سياسة التهديد والعدوان على جميع الأصعدة الإقليمية، فهذه الدول عانت وتعاني من السلوك الإيراني، وخاصة سياسة التدخل في الشؤون الداخلية، لذا لها أسبابها ودوافعها الخاصة في إدانة السياسة الإيرانية، بجانب الرغبة في التضامن مع المملكة.لماذا تباينت مواقف دول مجلس التعاون والبلدان القريبة من السعودية بخصوص كيفية التعامل مع طهران؟ لكل دولة مصالحها الوطنية وحساباتها السياسية والأمنية واعتباراتها الاقتصادية، ولا يمكن التعميم في هذه المواقف. المهم أنه لا توجد دولة مستقلة (أي غير خاضعة للسيطرة الإيرانية) وقفت مع السلوك الإيراني. فدول مثل لبنان وسوريا والعراق هي دول محتلة من قبل إيران بشكل مباشر أو غير مباشر، ولا تمتلك الإرادة المستقلة لاتخاذ قرار بناءً على مصالحها الوطنية أو انتمائها القومي، وضمن دول مجلس التعاون لم تتخلف أي دولة عن التعبير عن استيائها ورفضها للسلوك الإيراني، ومن ضمنها دولتا الكويت وسلطنة عُمان، لذا فمن الممكن الجزم بأن دول المجلس مجتمعة رفضت سلوك إيران وبشكل علني ورسمي.ألا تعتبرون أن الأزمة السعودية الإيرانية ستنتج مزيدا من الاحتقان على مستوى ملفات وقضايا جانبية أكثر من أن تساهم في صدام مباشر؟ الاحتقان في ملفات الأزمات الإقليمية ظاهرة قائمة وملحوظة قبل حدوث الأزمة الأخيرة بين الرياض وطهران. نحن غير واثقين من صحة الافتراض بأن الأزمة الراهنة ستعقد الملفات الإقليمية، فعامل الثقة كان مفقودا بين الدولتين قبل الأزمة، والسلوك الإيراني في سوريا والعراق ولبنان لم يترك أي هامش لتأسيس عوامل الثقة، لذا فمن الممكن القول إن الأزمة الأخيرة لن تساعد على تهيئة أجواء الثقة لتسوية الخلافات السياسية، ولكنها لن تكون بالضرورة عاملا أساسيا في انعدام الثقة التي لا وجود لها أساسا. مصدر التصعيد هو الموقف الإيراني، المملكة لم تكن معنية بالتصعيد، ما عملته المملكة هو مجرد تبني موقف حازم وشرعي للدفاع عن مصالحها وسمعتها في المجتمع الدولي.من الخاسر ومن الكاسب من الأزمة؟ وإلى أي مدى يمكن أن تساهم مساعي الدول الكبرى، ومنها واشنطن وموسكو وباريس ولندن، في احتوائها؟ في هذا النوع من الأزمات لا يكون هناك طرف رابح، فالجميع خاسرون في حالة تأزم العلاقات وفقدان عنصر الثقة، خاصة بين دول إقليمية متجاورة تتقاسم نفس الحيز الجغرافي. الدول الكبرى عبرت عن أملها بعد تطور الخلاف السعودي الإيراني إلى صراع مفتوح، وهذا ما ترغب به المملكة، فقيادة المملكة اتخذت القرارات التي تتلاءم مع حقوقها السيادية، ولم تتجاوز أيا من الخطوط الحمراء، لذا فإن قيادة المملكة شعرت بوجود حاجة لإصدار تطمينات حول نواياها السلمية. وفي نظرنا أن دور الدول الكبرى كطرف مهدئ قد برز على تأثيرها على كلا طرفي الخلاف، إلا أن المملكة لا تجد الوقت مناسبا الآن لوساطات خارجية، وهدفها إعادة العلاقات مع طهران، ولكن لكل حادثة حديث، وسيعتمد الأمر مستقبلا على طبيعة السلوك الإيراني.وُجهت انتقادات للتحالف الإسلامي المناهض للإرهاب لكونه أعطى الانطباع بأنه حمل جانبا انتقائيا، بل وحتى طائفيا، بدليل غياب العديد من البلدان، ومنها العراق وإيران، وشمول القائمة حزب الله؟ توجيه الدعوات للانضمام إلى عضوية مشروع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، لم يكن على أسس طائفية كما يحلو للبعض تصوريها أو تفسيرها. الأساس في مكافحة الإرهاب وفي التحالف من أجله هو نوعية سلوك الدولة التي يتم دعوتها للمشاركة في المهمة. الدول التي تم استثناؤها من الدعوة الأولية هي دول تدعم الإرهاب بشكل مباشر أو غير مباشر. الإرهاب لا يمكن اختزاله حصريا بتنظيمات مثل داعش أو القاعدة فقط. هذه الدول التي تم استثناؤها من الدعوة الأولية هي دول ترعى مليشيات طائفية مسلحة تمارس الإرهاب الذي لا يختلف كثيرا عن إرهاب داعش أو القاعدة، وتقوم عملية رعايتها للإرهاب على الأسس الطائفية، مثلها مثل داعش والقاعدة القائمين على الأسس الطائفية. حزب الله في لبنان كمثال ارتكب جميع أنواع الجرائم الارهابية التي ارتكبت من قبل تنظيمي القاعدة وداعش، كذلك المليشيات العراقية الطائفية المسلحة، فسياسة الانتقاء في محاربة الإرهاب سياسة مرفوضة، ولا يمكن أن تنجح في محاربة جميع أنواع الإرهاب، وهو الهدف المطلوب. لذا فإن أي دولة يكون لها ضلع في تبني مجموعات إرهابية سيتم استثناؤها من التحالف.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: