+ -

إذا كانت البلاد عانت وتعاني من نظام الحزب الواحد، فإن التعددية الحزبية قد عانت أيضا وتعاني من نظام الرجل الواحد، في أحزاب التعدد الحزبي الشكلي.هل من الصدفة أن جل الأحزاب التي انبثقت عن دستور 1989 على رأسها قائد خلد في المنصب أكثر من 30 سنة كاملة، وفي كثير من الأحيان، أصبح هذا القائد يتصرف مع قيادات حزبه، التي تطالبه بالتهوية السياسية داخل الحزب، أصبح يتصرف مع هذه القيادة كما يتصرف الحاكم الديكتاتور الذي لا يقبل أن يشرك به ويقبل مادون ذلك لمن يشاء!1 - كل الأحزاب المعارضة تعيش ظاهرة خلود القيادي المؤسس على رأسها أكثر من 30 سنة... إلى حد أن بعض هذه الأحزاب انشطرت إلى العديد من الأحزاب بسبب قلة الديمقراطية والتداول على القيادة داخل الحزب.2 - بعض الأحزاب الإسلامية لا تفرق بين حالة الحزب السياسي وحالة المشيخة السياسية في إدارة هذه الأحزاب، ولذلك حدث في هذه الأحزاب ما حدث من انشطارات ومن ثورات داخلية، فيها بالتأكيد أصابع السلطة، ولكن فيها أكثر أساليب الاستبداد المشيخي والسياسي القاتل.3 - ظهور الانتهازية السياسية بمباركة ومساعدة السلطة، إلى درجة أن بعض قيادات هذه الأحزاب أصبحت مناضلة في أجهزة السلطة أكثر من نضالها في أحزابها.. وظهرت تبعا لذلك نظريات في العلوم السياسية الجزائرية، مفادها أن تأسيس الحزب السياسي للوصول إلى السلطة لا يكون بالضرورة عبر النضال داخل الحزب، بل يمكن أن يكون بالنضال مع السلطة عبر الحزب! أي ظهور نظرية الوصول إلى السلطة بالسلطة وليس الوصول إلى السلطة بإرادة الشعب!4 - تحولت الأحزاب إلى شركات خاصة لأصحابها الذين أسسوها ولا شيء غير ذلك.. وأكثر من هذا تحولت هذه الأحزاب إلى مدارس لتعلم الديكتاتورية الحزبية وليس الحرية الحزبية، وبالتالي وضع القواعد الشعبية عبر هذه الأحزاب لديكتاتورية السلطة.5 - غياب كل مظاهر العمل الحزبي داخل هذه الأحزاب، من حالة التسيير البيروقراطي للحزب إلى حالة انغماسه في الفساد بمختلف أنواعه.. حتى باتت بعض هذه الأحزاب أشد فسادا من الشركات الوطنية التي تسيّرها جماعات الفساد.6 - هذه الحالة هي التي جعلت هذه الأحزاب تدخل في فوضى تلو أخرى، تشل أي أمل في العمل السياسي الحقيقي، وبالتالي تحوّل هذا الحزب أو ذاك إلى ساحة للفوضى السياسية، لا يمر بها إلا على صنم سياسي يحكمه ويتشبث به إلى صنم سياسي آخر في السلطة.7 - كل الأحزاب الجزائرية ليست فيها رائحة الأحزاب السياسية، فهي عبارة عن تجمعات لجماعات انتهازية، بعضها طرحته السلطة كفضلات سياسية، وبعضها الآخر يعيش على أمل أن يصبح نفاية سياسية للسلطة... هذا هو واقعنا ولابد من إعادة بناء كل شيء.

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات