جزائريون يتهافتـون على "الماركات"العالمية

+ -

غزا الجزائريون المراكز التجارية بالعاصمة منذ أن تناهى إلى سمعهم نبأ انطلاق التخفيضات العالمية على أسعار الملابس، التي بلغت مستويات جد منخفضة فاق بعضها 60 في المائة، وتسابقوا على اقتناء “الماركة” بأسعار “الصولد”، خاصة أولئك الذين استعصى عليهم اقتناؤها طيلة أيام السنة، في ظل انخفاض القدرة الشرائية لدى أغلبهم وارتفاعالأسعار، وما رافقه من تدني قيمة الدينار الجزائري مقارنة بالعملات الأجنبية. احتشد الزبائن، منذ الاثنين الماضي، تاريخ انطلاق التخفيضات، أمام مختلف المحلات التي تبيع العلامات التجارية العالمية. وبالقرب من المركز التجاري لباب الزوار، سُدت جميع الطرق المؤدية إلى المركز وازدحمت بسيارات مرقمة من مختلف الولايات، وسرعان ما انتعش نشاط أصحاب “العصي الغليظة” في ركن سيارات الزبائن مقابل 100 دينار جزائري، واصطف سائقو سيارات “الكلونديستان” في مخرج المركز الذي لا تكاد الحركة تنقطع فيه منذ الساعات الأولى من اليوم.طوابير منذ الساعات الأولىوما إن ولجنا المركز على الساعة التاسعة صباحا، بعد ستة أيام من انطلاق التخفيضات، حتى فاجأتنا الطوابير الطويلة التي شكّلها الزبائن أمام واجهات المحلات التي تعرض علامات تجارية عالمية، رغم أن أغلب أبواب المحلات لا تزال موصدة، والباعة منشغلون بإعادة ترتيب فوضى الأشياء التي خلّفها العدد الكبير منه الزبائن الذين زاروا المحل في أوقات متأخرة من الليل.اغتنمت الفرصة للاقتراب من مجموعة من شباب يشتغلون داخل محل يبيع ملابس رياضية، معروف لدى الشباب باسم “سيتي سبور”، في محاولة لجس نبضهم، لنكتشف على لسان مسير المحل “حمزة.ن”، بأنه “منذ الاثنين الماضي 18 جانفي، يستقبل المحل عددا هائلا من الزبائن منذ الساعات الأولى، إلى غاية آخر لحظات غلق المحل، ويوميا تنفذ السلع ويجدد المحل إدخال سلع أخرى”.بدا المحل شبه خال، خاصة في الزاوية المخصصة لعرض الأحذية الرياضية التي مستها التخفيضات بنسب متفاوتة “ابتداء من 20 في المائة إلى غاية 50 في المائة، ولم يبق معروضا إلا أحذية كرة القدم وأخرى ذات الحجم الصغير جدا”.. لكن، يضيف المسؤول على تسيير شؤون المحل، بأن “هناك سلعا أخرى ستدخل المحل في الأيام القليلة القادمة، وسيتم تخفيض الأسعار أكثر فأكثر إلى غاية تاريخ 28 فيفري القادم، تاريخ انتهاء التخفيضات على المستوى العالمي”، وما هي إلا دقائق حتى فتحت أبواب المحل ليتدفق الزبائن داخله مسرعين، “وانقض” كل منهم على السلعة التي قطع الكيلومترات من أجلها.تجار يغتنمون الفرصةلكن ليس جميع الزبائن الذين قدموا إلى المركز التجاري من أجل اقتناء علامات تجارية عالمية، عجزوا عن شرائها طيلة أيام السنة، بل كان بينهم تجار قدموا من جميع ربوع الوطن لاقتناء تلك السلع بالجملة، إذ يقومون بتخزينها، ومن ثمّ إعادة بيعها بأسعارها الحقيقية بعد انتهاء المدة القانونية للتخفيضات.كحال أحد التجار القادمين من ولاية سطيف، الذي استوقفناه في موقف السيارات الواقع تحت المركز التجاري، محمّلا بمجموعة كبيرة من الأحذية الرياضية، ولم يخف عنا سبب قدومه إلى المركز قائلا: “لا أخفي عنكم، جئت خصيصا لاقتناء بعض السلع بغرض إعادة بيعها في محلي التجاري”، ثم أضاف “قبل قدومي، اتصلت بأحد الباعة طالبا منه إخفاء السلع التي أود شراءها، وهكذا يجري الاتفاق بيننا ككل سنة”.أما الطالبتان الجامعيتان، نسيمة ورفيقتها، اللتان تنشطان في بيع مختلف السلع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لجأنا إلى المركز التجاري “كارفور” بحي مختار زرهوني بباب الزوار بالعاصمة، لغرض اقتناء سلع يقومان بإعادة بيعها، وقد صرحت نسيمة على القول: “نسافر كل سنة خلال هذه الفترة إلى أوروبا من أجل اقتناء مختلف السلع التي تعرض بأسعار مغرية، لكن هذه السنة فضلنا التسوق من مختلف المراكز التجارية هنا بالجزائر التي تعرض تقريبا العلامات العالمية نفسها، وبالتخفيضات نفسها”، وتواصل صديقتها الحديث قائلة: “أظن أن الفرصة ملائمة وتمكننا من تخفيف بعض المصاريف، على غرار ثمن تذكرة الطائرة والإقامة بالفندق”، لكن في الأخير انتهت الطالبتان بالقول إن “التخفيضات في أوروبا مختلفة بشكل كبير عن الجزائر”، موضحة بأنه في الضفة الأخرى من البحر تنفذ السلع في وقت قياسي، وتصبح المحلات شبه خالية، بيد أن التخفيضات تفوق 60 و70 في المائة، عكس ما هو عليه في الجزائر، وأشارت بيدها إلى واجهات المحلات “تخفيضات مغرية، إلا أن المحلات لا تزال مكتظة بالسلع”.إقبال محتشمعلى أغلى “الماركات”كان خارجا من محل يبيع أرقى الملابس الكلاسيكية العالمية، حاملا بيده كيسا مسجلا عليه علامة “ليفيون”، بادرناه بالحديث عن التخفيضات، فبدا راضيا نوعا ما عن الأسعار الجديدة، إلا أنه صرح قائلا: “ليست أسعار مغرية مثل التي حدثوني عنها قبل مجيئي إلى المركز، لكن مستها تخفيضات وصلت حتى 2000 دينار جزائري”.تركنا محدثنا ودخلنا المتجر الذي لم يكن مكتظا مثل باقي المحلات المجاورة، واقتربنا من بلال، وهو شاب يعمل داخل المحل، ليكتشف أن “عدد المبيعات لم يرتفع بنسبة كبيرة، حتى في ظل التخفيضات المستحدثة.. نحن نعمل مع فئة معينة من الزبائن، أصحاب الدخل المرتفع، لهذا المبيعات لم ترتفع بالمستوى الذي ارتفعت في باقي المحلات الأخرى”.وجه آخر للمركزعدنا إلى المركز التجاري لباب الزوار في حدود الساعة السابعة مساء.. الحركة لا تزال نشيطة، وللوهلة الأولى صادفنا عند المدخل رجلا كان رفقة عائلته الصغيرة، يغادر المركز غاضبا بعد دخوله في مناوشة كلامية مع أحد الزبائن. أما السلالم الإلكترونية، فقد نال منها التعب وتوقفت عن العمل بسبب 30 ألف زائر يوميا، يقصدون المركز منذ انطلاق التخفيضات، حسب ما كشف عنه لـ“الخبر” المكلف بالأمن داخل المركز سمير زواوي، الذي صرح قائلا: “ليس جميع من قصدوا المركز هدفهم اقتناء سلع عالمية بأسعار منخفضة، بل هناك الكثير من اللصوص والفضوليين”.وعن السرقة قال المتحدث: “نسجل يوميا منذ انطلاق التخفيضات 20 محاولة سرقة”، وأضاف موضحا: “رغم أن جميع المحلات مجهزة بآلات تكشف خروج السلع المسروقة، إلا أن الجزائريين احترفوا السرقة ووصل بهم المكر إلى استحداث طرق جديدة في السرقة يصعب التفطن لها، على غرار تغليف المحفظة بورق الألمنيوم لتمرير المسروقات على جهاز السكانير”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: