اللاجئون الأفارقة في الجزائر بين التشرد والحوادث المأساوية

+ -

تتوالى مأساة اللاجئين الأفارقة المقيمين بمراكز العبور المؤقت بمناطق متفرقة بالجنوب، بسبب تكرار الأحداث المأساوية التي تطالهم، كان آخرها ذلك الحريق المسجل بتڤرت، ليلة أول أمس، وكاد يتسبب في كارثة حقيقية شبيهة بتلك التي وقعت شهر نوفمبر الماضي وأودت بحياة مقتل 18 مهاجرا إفريقيا وجرح 43 آخرين، نتيجة الحريق الذي سجل في مخيم استقبال للمهاجرين في ورڤلة.وأرجعت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، سعيدة بن حبيلس، في تصريح لـ«الخبر”، سبب الأحداث المأساوية التي تسجل من حين لآخر في مراكز الإيواء المؤقتة لما أسمته بلامبالاة بعض المهاجرين الأفارقة، بسبب رفضهم عروض السلطات الجزائرية التكفل بهم، إذ يفضل هؤلاء، كما تقول، طهي أكلهم بأنفسهم لتكتفي السلطات المحلية في أماكن تواجد المهاجرين بتوفير المواد الغذائية الأساسية. وأكدت أن الهلال الأحمر الجزائري يتكفل جيدا بهؤلاء بما في ذلك ضمان الرعاية الصحية لهم.ويتزامن هذا الأمر مع التقرير الذي نشرته الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، التي دقت ناقوس الخطر حول ما أسمته الظروف المأساوية التي يعيشها مئات اللاجئين الأفارقة، وهو التقرير الذي انتقدته سعيدة بن حبيلس، حيث أكدت أنه لا يمكن التحكم في تدفق اللاجئين الأفارقة بسبب نزوحهم بطرق غير قانونية وسرية، وكذا تنقلهم الدائم عبر مختلف ولايات الوطن وانتشارهم عبر كامل مناطق الوطن، رغم الملايين التي تصرف لتكفل أحسن بهم.وأكدت بن حبيلس، أيضا، لـ«الخبر”، أن التنسيق جار مع جميع فروع المنظمة الموزعة عبر الوطن، من أجل تفادي أي انعكاسات سلبية قد تخلفها موجة البرد والثلوج المتوقعة خلال الأيام القادمة، حيث أوضحت أنه سيتم تجنيد فرق تطوعية لتقديم المساعدات والخدمات اللازمة للمهاجرين الأفارقة والمشردين الذين يبيتون في العراء. ودعت بن حبيلس إلى مضاعفة الجهود أكثر لتجنب أي مفاجآت غير سارة في صفوف المهاجرين من مختلف الجنسيات، وفئة المشردين دون مأوى، مضيفة أنه تم ربط التنسيق مع جميع فروع الهلال لتجسيد حملات تستهدف هذه الشرائح، من خلال توفير كل المستلزمات الضرورية، على غرار الوجبات الساخنة والبطانيات والرعاية الصحية إذا اقتضى الأمر ذلك.أما بخصوص عملية الإحصاء العام لمجموع المهاجرين الأفارقة المقيمين في الجزائر، فقد اعتبرت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري هذا الأخير غير معني بها، حيث أفادت أن “الإحصاء العددي للمهاجرين ليس من صلاحيات منظمتنا، ودورنا الأساسي يتمثل في تقديم الخدمات الإنسانية، ومساعدة هؤلاء النازحين الذين اضطرتهم التوترات الحاصلة في بلدانهم إلى هجرة بيوتهم وأوطانهم”، علما أن السلطات الوصية شرعت، في الفترة الأخيرة، في إجراء عملية مسح شاملة للوصول إلى إحصاء تقريبي للمقيمين الأفارقة في الجزائر، في ضوء عدم وجود أي إحصاء دقيق حول هذا الموضوع، مع ما يترتب عن ذلك من مخاطر، خاصة بالنسبة للمهاجرين الذين دخلوا من منافذ غير قانونية، والذين انتهت الفترة القانونية لتأشيرات الإقامة الممنوحة لهم، غير أن العملية تواجهها صعوبات كبيرة جراء رفض السواد الأعظم من المهاجرين المكوث داخل مراكز الإيواء المسخرة لهم، فضلا عن رفض السلطات العمومية إجبارهم على ذلك. رابطة حقوق الإنسان تندد باستغلال الأفارقة في أعمال غير مصرح بهاوقد انتقدت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، استغلال أرباب عمل ومقاولين وأصحاب مزارع كبرى ومستثمرات فلاحية للنازحين، الذين قدرتهم الرابطة بين 11 إلى 13 ألف عامل.وأكدت الرابطة في تقريرها أنه في محاولة منها لمعرفة عدد الرخص الاستثنائية الممنوحة سنة 2015 التي أعطيت لأرباب العمل والمقاولين وأصحاب المزارع الكبرى والمستثمرات الفلاحية لتشغيل الأفارقة، من أجل مقارنتها مع العدد الحقيقي في الواقع الميداني، “ولكن كل محاولاتنا باءت بالفشل، متحججين بأن الأرقام الحقيقية لسنة 2015 لا تزال في إطار التحليل والمعالجة على مستوى وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، ما حتم على الرابطة الاستناد إلى الأرقام السابقة التي ذكرها محمد الغازي، وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، في 21 جوان 2014، بأن عدد العمال الأجانب الذين يعملون في الجزائر بلغ 140 ألف عامل من 125 جنسية أجنبية مختلفة. وردا على هذا الأمر، أكدت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري أن الحكومة قامت بإجراءات تجميع اللاجئين الأفارقة بمخيمات أنشئت خصيصا لذلك بجنوب الوطن، وذلك لحمايتهم من قسوة الشتاء.وتؤكد المتحدثة أن عمليات الترحيل الأخيرة التي مست ما يزيد عن ألفي شخص، كشفت وجود زهاء 200 طفل، تم اقتيادهم دون علم أوليائهم في النيجر بغرض التسول؛ ولمس الهلال الأحمر رغبتهم في العودة إلى ذويهم. وتؤكد بن حبيلس أن الدولة الجزائرية أعطت درسا مثاليا في التكفل باللاجئين الأفارقة، من خلال المجهودات الكبيرة التي يقوم بها متطوعو الهلال الأحمر الجزائري في التكفل باللاجئين، وتعترف بهذه الجهود كل المنظمات الدولية وحتى الممثليات الدبلوماسية في الجزائر، بحسب ما أكدته سعيدة بن حبيلس.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات