معلمان معماريان تاريخيان مغلقان في قلب المدينة

+ -

 تحوّلت ساحة المغرب، إحدى أجمل ساحات وسط مدينة وهران، إلى مرتع للمتشردين ليلا، ومرادفا للفوضى في النهار، رغم أنها تتوفر على معلمين معماريين “نادرين”، وهما مقر البريد المركزي والفندق الكبير.هذه الساحة بدأت تتدهور منذ أن أغلق الفندق الكبير أبوابه، بعد إفلاسه، وهو الذي كان تابعا لمؤسسة عمومية لتسيير الفنادق. وقد تم التنازل عنه لمستثمر خاص، في نهاية تسعينيات القرن الماضي، إلا أن الصفقة تم إلغاؤها، ليدخل الفندق في مرحلة تدهور.  هذا الفندق الذي كان “جوهرة” المؤسسات السياحية في الحقبة الاستعمارية وبعدها، فقد نزل فيه العديد من الشخصيات السياسية والفنية الراقية. واتخذه أعضاء المنظمة السرية التي أسسها حزب الشعب الجزائري، منطلقا للعملية الشهيرة التي نفذت في الجهة السفلية للساحة التي يقع فيها الفندق، وهي البريد المركزي، الذي توغل إليه مناضلو المنظمة وأخذوا أموالا لتحضير الثورة التحريرية، فقد أقام فيه الراحل حسين آيت أحمد بوثائق هوية تحمل اسما فرنسيا، ولم يتفطن له البوليس الاستعماري. ولا أحد يعلم اليوم مصير الغرفة التي أقام فيها الزعيم الراحل، ولا الوثائق التي تؤرخ لإقامته في الفندق، الذي يقول سكان وهران إنه كان من الأولى الإسراع في ترميم هذا المعلم المعماري، حفاظا على الذاكرة الوطنية.وزادت الساحة من فقدان روحها بعد أن تقرر في عهد الوالي الأسبق لوهران الطاهر سكران، ترميم مقر البريد المركزي الذي يمثل هو الآخر تحفة معمارية فريدة، فقد صارت ساحة المغرب محاصرة ببنايتين ضخمتين مغلقتين، ما ساهم في تراجع إقبال المواطنين عليها، ليتركوها للمنحرفين الذين يتخذونها ملجئا في الليل، محوّلين حديقتها إلى “مبولة” تنبعث منها روائح كريهة في النهار، إضافة إلى السلوكيات المشينة، وكذا غياب الأمن ليلا، نظرا لنوعية الذين يقصدونها.وقد انطلقت أشغال ترميم البريد المركزي لوهران قبل خمس سنوات، لتتوقف بعد أن تبين للمقاولة التي اختيرت لإنجاز الأشغال أن الدراسة المعدة للترميم لم تكن كاملة، فانطلقت عمليات الهدم وفقد عامل روحه فيها، لتتوقف وتزداد وضعية البناية تدهورا لكون كثيرا من أجزائها صارت عارية وعرضة للتقلبات الجوية وعمل الطبيعة.في حين “قتل” إغلاق البنايتين كل النشاط الذي كان يميز ساحة المغرب، سابقا، في الليل والنهار، حيث يشكو التجار القريبون منهما كساد تجارتهم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: