ارتفعـت أسعـار الوقــود فتنفسـت الطرقات

+ -

انعكست الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود على سائقي السيارات في الجزائر، فمنهم من وجد نفسه، فجأة، مجبرا على دفع مصاريف إضافية، والآخر لا يشغّل محرك سيارته إلا عند الضرورة، بينما بارك آخرون الأسعار الجديدة واعتبروها “نعمة” قد تخلصهم من “كابوس” ازدحام الطرقات، فمصائب قوم عند قوم فوائد”. “الخبر” جسّت نبض طرقات العاصمة واستطلعت رأي مرتاديها. إن كان هدف الحكومة من رفع أسعار الوقود ضرب جيب المواطن لمواجهة الأزمة المالية التي تتخبط فيها البلاد، فإن الفترة التي تلت الزيادات جعلت أغلب المواطنين ممن تحدثت “الخبر” معهم، وبالخصوص السائقين، يشعرون بانخفاض الزحمة المرورية ولو بشكل نسبي، حسب شهادات بعضهم، بغض النظر عن أوقات الذروة حيث يكون أغلبهم متوجهين إلى مناصب العمل.“نعمة” ارتفاع الأسعاريقول الهادي، وهو موظف في إحدى الشركات الخاصة ببلدية باب الزوار بشرق العاصمة: “أغتنم وقت الغداء لقضاء بعض الأمور الشخصية، عوض التغيب عن العمل”، وواصل: “الأسبوع الماضي تنقلت من باب الزوار إلى القبة بحثا عن آلة إعلام آلي، وطبعا استغرقت وقتا للحصول عليها، ومن ثم توجهت إلى وسط مدينة الجزائر وتناولت وجبة غدائي هناك، وعدت إلى منصب عملي في حدود الساعة الواحدة ونصف”. في ظرف قياسي تمكن محدثنا من قضاء أكثر من أمر ظل عالقا منذ أشهر، من دون التغيب عن العمل وقضاء اليوم بأكمله خلف طوابير لا منتهية من السيارات.أمينة هي الأخرى موظفة بمستشفى مصطفى باشا بالعاصمة، تغتنم وقت الغداء يوميا للذهاب إلى الحي الشعبي باش جراح المعروف باختناق طرقاته في جميع الأيام على حد سواء، تقول: “أتنقل يوميا رفقة زميلتي لباش جراح باستعمال “الميترو”، وهناك نتناول وجبة غدائنا ونتسوق من المركز التجاري”. وتضيف صديقتها التي تفضل ركن سيارتها داخل المستشفى على أن تتنقل بها، متهكمة: “حجة وفرجة ولا تنسى أن التنقل بالسيارة أصبح مكلفا اليوم”.أما سائق الأجرة بوسط مدينة الجزائر العاصمة فوصف الزيادات التي استحدثتها الحكومة مؤخرا في أسعار الوقود بـ«النعمة”. يقول محدثنا: “صحيح أنني أصبحت أدفع مبلغ 3 آلاف دينار جزائري إضافية كمصاريف البنزين شهريا، لكن بالمقابل أحسست بشغور الطرقات مقارنة بالفترة السابقة”. وواصل السائق حديثه مبتسما “أصبحت أتناول وجبة غدائي في المنزل، أليست نعمة؟ ومن ثم أستأنف العمل في فترتي المسائية، أسير في جميع الاتجاهات من دون رفض أي زبون مهما كانت وجهته”.الرأي نفسه شاطره فيه فاروق وهو الآخر سائق أجرة بالعاصمة معلقا: “الحمد لله، وأخيرا لم أعد أرى كثيرا لي فوتور”، يقصد أولئك الشباب الذين لا يتوقفون عن السير بسياراتهم في كل الاتجاهات.وفي محطة الحافلات بأول ماي في العاصمة، أجمع أغلب سائقي الحافلات ممن تحدثت “الخبر” معهم على أن الزحمة المرورية تراجعت بشكل ملحوظ منذ الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود، فسائق حافلة بن عكنون يقول بأن “الوقت الذي نستغرقه اليوم من محطة أول ماي إلى غاية بن عكنون تراجع بحوالي نصف ساعة مقارنة بالشهر الماضي”، والأمر نفسه بالنسبة للمتوجهين إلى المدنية وحيدرة وبلوزداد وغيرها من الأحياء الشعبية المعروفة بزحمة طرقاتها. وشاركنا بائع تذاكر الحديث: “ربما الفارق صنعته الزيادات في أسعار الوقود من جهة، لكن لا تنسى مساسيك العجلات التي ينصبها أفراد الأمن الذين يركنون سياراتهم في أماكن ممنوعة”.السيارة إلا للضرورةارتفاع أسعار الوقود جعل البعض يعيد حساباته، خصوصا الذين توفرت لديهم وسائل بديلة تمكنهم من اقتصاد مصاريف قد يكونون في غنى عنها، فمحمد مثلا القاطن بمدينة بوفاريك الواقعة في الضاحية الغربية للعاصمة، قرر مؤخرا التخلي عن مركبته “أكتفي بالتنقل بها من المنزل إلى محطة القطار فقط، أركنها بالقرب من المحطة وأصعد في القطار باتجاه الجزائر العاصمة للالتحاق بعملي، وفي المساء أسترجعها من المحطة”، وهكذا يكون قد وفر على نفسه الكثير من المصاريف.أما جمال القاطن بشارع الشهداء طريق المرادية بالجزائر العاصمة، فقرر هو الآخر الاستغناء عن مركبته والالتحاق بمنصب عمله بحيدرة مشيا على الأقدام “أظن أنها فرصة لممارسة رياضة المشي”. وقال أيضا “في الحقيقة هذه الزيادات جاءت في الوقت المناسب، حتى وإن كان هدف الحكومة من هذه الزيادات ضرب جيب المواطن لمواجهة الصدمات المالية التي تضرب اقتصاد البلاد، إلا أنها خفضت من حدة الزحمة المرورية، ونتمنى أن تنخفض حوادث المرور هي الأخرى”.حتى في الطريق السيارتنفس الطرقات من زحمة السيارات لم يستثن طرقات العاصمة فحسب، بل حتى مرتادو الطريق السيار شرق ـ غرب كان لهم نفس الشعور، إذ أجمع أغلبهم على أن الحركة في الطريق السيار لم تعد مكتظة بالشكل الذي كانت عليه سابقا، خصوصا في الفترة المسائية وأثناء الليل.يقول أحد سائقي الخط الرابط بين ولايتي الجزائر ووهران، التقينا به في محطة الخروية، إن “الطريق أصبح شبه خال، خلال الآونة الأخيرة، وكأننا في شهر رمضان”. ويضيف سائق آخر: “قبل أيام من الزيادات في سعر الوقود كان الطريق السيار مكتظا بالسيارات في الليل وفي النهار”.من جهتهم، أجمع سائقو الاتجاهات الشرقية على الرأي نفسه، على غرار سائق من ميلة يقول: “أصبحت أتنقل بكل سهولة وحتى لدى دخولي إلى العاصمة لا أستغرق وقتا طويلا، فحتى محطات الوقود أصبحت شبه شاغرة”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: