وزراء وقادة نماذج عالمية في التواضع.. والمقارنة ممنوعة

+ -

“الشعب هو من يصنع ديكتاتوره”.. بثلاث كلمات اختصر القائل كيف تنحني الشعوب إلى حاكمها حتى يصاب بالنرجسية والتعالي، واختزل كيف يتم “تأليه” أولي الأمر وتغليفهم بهالة من “التقديس”، إلى درجة يتحوّل الشعب من مصدر السلطة إلى قطيع يتم توجيهه بما يشتهي الساسة. لكن الكثير من القادة الغربيين على وجه الخصوص كسروا هذه المفاهيم في عدة مواقف أضحت مألوفة عند الغرب، إلا أنها تعتبر  عند أمم أخرى “ضربا من الجنون”. يظهر من حين لآخر رؤساء حكومات ووزراء وشخصيات سامية وحتى قادة دول غربية، اسكندنافية أو آسيوية، في وضعيات بسيطة وشعبية، فهذا يسير في زقاق المدينة متخليا عن حرسه الشخصي وخفيفا من ثقل الترتيبات البروتوكولية، وآخر يتنقل في زيارات رسمية مكتفيا بسيارة واحدة، وهي المشاهد التي يتلقفها المواطن العربي باهتمام واستحسان كبيرين، لأنهم لم يسبق أن صادفوا كبار مسؤوليهم يرتشفوا قهوة الصباح في الفضاءات الشعبية حيث يجلس جموع البسطاء من العمال والمزارعين، أو يتجولون في الشوارع حيث تطغى مظاهر البؤس والبساطة.رئيس حكومة سائق سيارة أجرة!تفاجأ مواطنان في العاصمة النرويجية أوسلو، عندما استقلوا سيارة أجرة للذهاب إلى العمل، بأن السائق يشبه إلى حد كبير رئيس الوزراء ينس شتولتنبرغ، لكنهم لم يجزموا بأن هذا الشخص الذي أماهم هو نفسه ذلك السياسي الذي اعتادوا رؤيته عبر شاشات التلفزيون في ندوات صحفية أو خلال استقباله لرؤساء الدول، كونه كان متوجها بناظره إلى الأمام، فيما كان الزبائن خلفه.وقبل أن ينطلق السائق في مشواره تلفت ليسأل المواطنين عن وجهتهما، فإذا بهما يتأكدان بأن صاحب السيارة هو رئيس الوزراء المنتمي لحزب العمال، مختفيا وراء نظارات شمسية، فذهلا للمشهد، لكنهم سرعان ما تمالكا أنفسهما وراحا يحدثانه عن شؤون البلاد السياسية والاقتصادية. ولم يتوقف الأمر عند هذين المواطنين، وإنما تكرر المشهد مع الكثير من النرويجيين الذين اختلفت ردود أفعالهم، فمنهم من سأله هل غيّر نشاطه وتخلى عن رئاسة الوزراء، وآخر حدثه لائما بأن قيادته رديئة قبل أن يتعرف عليه، وهو الأمر الذي اعترف به السياسي بأنه غير معتاد على قيادة السيارات، فيما شرع آخر بنقد قراراته السياسية فور إدراكه أنه رئيس الوزراء، ونصحه بتداركها إذا أعيد انتخابه لولاية ثانية.وذكرت صحيفة نرويجية أن الوزير الأول رغب من خلال هذه المبادرة في قياس شعبيته ومدى توفر حاضنة جماهيرية تدعمه إن قرر الترشح لولاية أخرى، كما أراد من ورائها معرفة المشاكل التي تؤرق المواطنين يوميا، معتبرا أن سيارة الأجرة مكان مناسب يجهر فيه الناس بما يريدونه ومشاكلهم اليومية ويتحدثون بكل عفوية. واستخدم السياسي كاميرات خفية لتصوير هذه المغامرة التي أشرفت عليها وكالة إعلانية في إطار حملة شتولتنبرغ لإعادة انتخابه. ورد شتولتنبرغ على سؤال صحفي عما إذا كان سيفكر في أن يعمل سائقا لسيارة أجرة في حالة خسارته الانتخابات قائلا “أعتقد أن أفضل خدمة تقدم للأمة ولراكبي سيارات الأجرة في النرويج هي أن أكون رئيسا للوزراء وليس سائق سيارة أجرة”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: