استنزاف احتياطي الصرف سيحوّل الدينار إلى "أرخص" العملات

+ -

تراهن حكومة سلال على الاحتياطات الوطنية من العملة الصعبة (احتياطي الصرف) لتجاوز تبعات الأزمة، في ظل تفاقم آثاره جراء تواصل نفس المستويات المتدنية لأسعار المحروقات، وتوقعات بعدم تعافيها في آجال قريبة، على الرغم من أن “استنزاف” هذه المدخرات ستكون لها عواقب وخيمة من الناحية الاقتصادية والمالية لاسيما على مستوى متانة العملة الوطنية.

في هذا الشأن، حذّر الخبير في الشؤون الاقتصادية، فارس مسدور، من مغبة لجوء الحكومة إلى الاغتراف من هذه الموارد، وأكد على أن تبعات هذه السياسة ستكون خطيرة على الاقتصاد الوطني. مشيرا إلى أن خطوة كهذه تؤثر سلبا على قيمة العملة الوطنية مقابل العملات المتعامل على أساسهم في العلاقات الاقتصادية والمبادلات التجارية، وتوقّع أن قيمة الدينار الجزائري ستتقهقر إلى مستويات تاريخية على خلفية “نزيف” احتياطي الصرف المرتبط بشكل وثيق بالعملة، مذكرا أنّ هذه الأخيرة عرفت تخفيضين أساسيين خلال مدة قصيرة لا تتجاوز السنة.وأوضح المتحدث، في تصريحه لـ«الخبر”، بأنّ آثار التوجّه ناحية الاعتماد على المدخرات من احتياطي الصرف ستمتد كذلك إلى نسب التضخم التي تحاول السلطات العمومية التحكم فيها أو ضبطها، واعتبر هذين العاملين أساسيين في تحديد القدرة الشرائية للمواطنين، وظهور الإسقاطات الاجتماعية للأزمة الاقتصادية. ووصف الخبير الاقتصادي تصريح سلال الأخير بـ”التصريح السياسي” كونه يهدف بالمقام الأول إلى توجيه رسائل لطمأنة المواطنين، بأنّ الجزائر لا تواجه أزمة، وأنّ الإمكانيات من المدخرات المتوفرة تسمح لها بالصمود إلى حين، مخافة إثارة الجبهة الاجتماعية على خلفية تضاعف ضغوط تنبئ معالمها بدخول اجتماعي “ساخن”. وحذّر المتحدث مما عبّر عنه بـ«ثورة الفقراء” تظهر في الأفق بناء على مؤشرات اقتصادية واجتماعية، سبقتها قرارات سياسية لعّل أهمها تعديل نظام الإحالة إلى التقاعد، بدعوى عدم قدرة الصندوق على تغطية المعاشات.وبالمقابل، أشار فارس مسدور، إلى أنّ تصريحات سلال تحمل الكثير من التضارب، إذ في وقت يتكلم بحديث الواثق بأنه لا وجود لأي أزمة أو خطة للتقشف، يوجّه في نفس الوقت تعليمات للقطاعات الوزارية والولاة بتخفيض نفقات الميزانيات المخصصة لهم إلى حدود 50 في المائة. مضيفا أن هذه التعليمة من شأنها “إحالة” المؤسسات العمومية التي “تتغذى” بأموال الخزينة وميزانيات الوزارات نحو الإفلاس، لبيعها لاحقا بالدينار الرمزي للبارونات وأصحاب الأموال.وذكر الخبير الاقتصادي في السياق ذاته، بأنّ الاغتراف من المدخّرات من أموال احتياطي الصرف الوطني يفترض استعمالها في المشاريع ذات المردودية الاقتصادية، كما هو الشأن بالنسبة لتطوير القطاع الفلاحي، أحد أبرز بدائل اقتصاد الريع، وقال إنه الأمر غير الممكن على اعتبار أنّ هذه الموارد تستعمل لتغطية نفقات الاستيراد. مشيرا إلى أنّ تصريحات سلال الأخيرة تتزامن وزيارة ممثل ووفد صندوق النقد الدولي للجزائر، متسائلا عن العلاقة بينهما، وعن احتمال وجود خلفيات لهذا النوع من التصريحات مع إملاءات الأفامي ونيّته في إعادة الجزائر إلى أحضان المديونية الخارجية.وفي نفس السياق، قال المتحدث، إنّ إدعاءات الوزير الأول عبد المالك سلال، عدم وجود أزمة، تكشف عن نية الحكومة البقاء رهينة الاقتصاد القائم على مداخيل صادرات المحروقات، من منطلق أنها تكشف عن آمال السلطات العمومية في تعافي أسعار البترول وانتعاشها خلال هذه الفترة، التي قال عنها سلال إنها تمنح الجزائر الوقت إلى غاية سنة 2019، واعتبره دليلا على عدم جدية الحلول المطروحة، كونها لا تتجاوز مجرد القرارات الغرض منها تسيير الأزمة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات