38serv

+ -

فتحت الحكومة المجال للمؤسسات الاقتصادية التابعة للقطاع العام والإدارات لاتخاذ القرارات الرامية لتخفيف نفقات كتلة الأجور، وتقليصها إلى نسب متباينة حسب القطاعات أو المؤسسات المعنية، مدفوعة بآثار وإسقاطات أزمة تراجع المداخيل الوطنية، من منطلقات تتعلق بتبعات انخفاض أسعار المحروقات التي تقترب من السعر المرجعي للميزانية. تؤكد مصادر حكومية مطلعة، لـ«الخبر”، أنّ هذا التوجه يعتبر من أبرز الخيارات المطروحة أمام المؤسسات العمومية بشكل عام، من أجل ضمان استمرارها في النشاط أمام عدم قدرة الخزينة العمومية على مواصلة صب الأجور، على اعتبار أنها أضحت تثقل كاهلها في ظل انكماش الموارد بفعل الأزمة، حيث لاحظت الحكومة وجود فائض في مناصب العمل على مستوى الشركات العمومية والإدارات، تفرض إعادة النظر فيها لتقليص النفقات. وتعتبر مراجعة شبكة الأجور عبر هذا المسعى الخيار البارز لإنقاذ المؤسسات، العاجزة عن المنافسة في السوق المحلية فضلا على الخارجية.وأشارت المصادر ذاتها إلى أنّ هذا التدبير لا يعني تسريح العمال المطبق في السابق، وإنما منح هؤلاء الموظفين إمكانية الاختيار لتوجه نحو “تسريح طوعي”، مقابل تعويضات مادية تأخذ بعين الاعتبار عدد سنوات العمل، على شاكلة الخيار الذي تبنته شركة “جازي” للهاتف النقال مؤخرا، في سياق تخفيض عدد العمال والموظفين، من أجل تقليص كتلة الأجور، من منطلق أن الحكومة لم تعد قادرة على ضخ ميزانيات إضافية لحسابات هذا النوع من مؤسسات، لاسيما بعد الزيادات المتتالية التي شهدها قطاع الوظيف العمومية على  مدار 10 سنوات الأخيرة، تحت ضغط المطالب والنضالات النقابية التي أدت إلى تضاعف الأجور عدة مرات، المتآكلة بفعل التراجع الخطير لقيمة الدينار الجزائري.وبالموازاة مع ذلك، فإنّ نفس التوجه تدعمه الخيارات الأخيرة المتخذة من قبل السلطات العمومية، والمترجم في شكل تعليمات وقرارات وجهت إلى الشركات التابعة للقطاع العام والإدارات العمومية، في سياق عدم تعويض العمال والموظفين المحالين إلى التقاعد، بدعوى أنّ هذه القطاعات تعاني من فائض كبير في اليد العاملة ومناصب الشغل، يستدعي ضرورة تقليصه.وتنبئ هذه التطورات بأنّ الدخول الاجتماعي المقبل سيصدم الحكومة بالمواطنين والموظفين بشكل عام، على خلفية بروز آثار الأزمة المالية والاقتصادية جراء الصدمة الخارجية على واجهة المعالم الاجتماعية، حيث إنها ستؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة، المرتفعة أصلا لاسيما في أوساط الفئات الشبانية، إذ تصل إلى ما يفوق 22 في المائة. بينما من شأن المعطيات الجديدة دفع القدرة الشرائية للمواطنين نحو مستويات أدنى، مدعومة بتهاوي قيمة العملة الوطنية وارتفاع نسب التضخم، الذي سيؤدي إلى غلاء أسعار معظم السلع الواسعة الاستهلاك.ويُحذر المختصون من ارتفاع النفقات العمومية، واحتمال تعرض التوازن العام خلال السنة المقبلة إلى اختلال يدفع الخزينة العمومية إلى “عجز” أكبر في تحمل الإنفاق على تكاليف التجهيز والتسيير. ما يدفع الحكومة في نهاية المطاف إلى أحضان صندوق النقد الدولي من خلال العودة للاستدانة الخارجية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات