أوّل التّكاليف أنّ تُؤدّى الأمانة الكبرى وتبعاتها

+ -

 {وحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ}.. هذا الّذي خلقه الله تعالى على صورته وجعله خليفة له في أرضه.. هذا الإنسان الّذي يعرف الله بإدراكه وشعوره ويهتدي إلى ناموسه بتدبيره وبصره ويعمل وفق هذا الناموس بمحاولته وجهده، ويُطيع الله بإرادته وحمله لنفسه ومقاومة انحرافاته ونزغاته ومجاهدة ميوله وشهواته وهو في كلّ خطوة من هذه الخطوات مريد مدرك، يختار طريقه وهو عـــــارف إلى أين يؤدّي به هذا الطّريق!إنّها أمانة ضخمة، حملها هذا المخلوق الصغير الحجم، القليل القوّة، الضعيف الحول المحدود العمر الّذي تناوشه الشّهوات والنّزعات والميول والأطماع، هذا القليل القويّ الّذي جمع فيه الله جميع القوى والّذي جعل في خدمته القوى والأقوى والأقوى...وإنّها حقًّا لمخاطرة أن يأخذ على عاتقه هذه التبعة الثقيلة، ومن ثمّ كان ظلومًا لنفسه جهولاً لطاقته وجهولاً لا يعرف هل يؤدّيها على ما يرام أم كيف يؤدّيها، جهولاً لتبعاتها ونتائجها... هذا بالقياس إلى ضخامة ما زجّ بنفسه لحمله. فأمّا حين ينهض بالتبعة، حين يصل إلى المعرفة الواصلة إلى ربّه وبارئه والاهتداء المباشر لناموسه والطّاعة الكاملة لإرادة خالقه، المعرفة والاهتداء والطّاعة الّتي تصل في طبيعتها وفي آثارها إلى مثل ما وصلت إليه من سهولة ويُسر وكمال في السّماوات والأرض والجبال.. وحين يصل الإنسان إلى هذه الدرجة وهو واع مدرك مريد، فإنّه يصل حقًا إلى مقام كريم ومكان بين خلق الله فريد.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات