الخطابـات المعـادية للإسـلام تفـــرش البساط الأحمر لـ"داعش" في فرنــــسا

+ -

تأخذ الإسلاموفوبيا طابعا سياسيا اليوم بفرنسا وتستعمل كورقة رابحة في الانتخابات الرئاسية القادمة، فما تعليقكم على ذلك؟ هذا ليس بجديد في فرنسا، فعند اقتراب كل موعد انتخابي سواء كان وطنيا أو جهويا أو حتى محليا، تأخذ الإسلاموفوبيا طابعا سياسيا، ويتم إثراء النقاش حول كل المسائل المتعلقة بالإسلام ومسلمي فرنسا، وتكثر الخطابات، كما هو بالنسبة للحملة الانتخابية للفترة التمهيدية لرئاسيات 2017، حيث نسمع زعيم الجمهوريين من التيار اليميني المعارض بفرنسا نيكولا ساركوزي بصدد الخلط بين المسلمين عقب خطابات الكراهية الموجهة لمسلمي فرنسا، متجاهلا تماما بأنه كان وزيرا للداخلية، وهو من أنشأ المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية سنة 2003، معتقدا بأنه باتخاذه موقفا انتخابيا معاديا للإسلام والمسلمين في فرنسا بإمكانه الاستحواذ على أصوات اليمين المتطرف لمارين لوبان، لكنه مخطئ بهذا كل الخطأ، فهو يجعل من كراهيته تجاه المسلمين بمعية منافسيه انتقاما داخليا، لا يراد به المنفعة العامة للفرنسيين، وإنما مراعاة مصالحه الشخصية أولا وقبل كل شيء، فمثلا ساركوزي يهمه الفوز في الرئاسيات والرجوع إلى سدة الحكم بالعودة إلى قصر الإليزيه.والغريب في الأمر، وما يزيد الطينة بلة، هو تجاوز رئيس الوزراء مانويل فالس الخطوط الحمراء، ففي الوقت الذي تسعى الداخلية الفرنسية إلى تهدئة الأوضاع والمضي قدما نحو إصلاحات جديدة، وسط حوار متبادل، في ظل احترام متكامل، والإقفال على المواضيع الحساسة التي ألهبت الساحة الفرنسية مؤخرا، على رأسها قضية الجدل الساخن التي عرفها “البوركيني”، راح فالس إلى أبعد التصورات في خطابه بمدينة تولوز قائلا إن “ماريان” رمز الدولة الفرنسية، لا تضع الحجاب ولا تلبس “البوركيني”، وأتى تصريحه بالقول “ماريان فرنسا لا تضع الخمار وتشرب الكحول وتخرج عارية الثديين”، وهذا ما لا نقبله لأن المقارنة ليست في محلها، خاصة أن الفرنسيات لا يخرجن عاريات الثديين، فلماذا إذن على المسلمات فعل ذلك، لكن أنا أقول له في السياق ذاته إن لم يكن يعلم ذلك بأن ماريان كانت تغطي شعرها، وكان على مانويل فالس التريث أولا قبل دعم “أميار” اليمين المعارض الذي وضع مجلس الدولة حدا لقراراتهم بتعليقها، رغم أن هؤلاء لايزالون خارج القانون ويطلبون من الشباب والمواطنات مسلمات فرنسا احترام القانون، فعليهم احترامه هم أولا قبل أي شخص آخر.كيف تلقيتم خبر طرد المواطنتين الفرنسيين المسلمتين من قبل صاحب مطعم ببلدية ترومبلاي بالضاحية الباريسية، ونعته لمسلمي فرنسا؟ بالتأكيد الأمر يدعو للقلق، وقد تم إيداع شكوى لدى محكمة “بوبيني” والقضية رهن التحقيق القضائي، وبطبيعة الحال هذا ما نخشاه في المستقبل، وجود مثل هذه الهيستيريا الجماعية نتيجة الخطابات العدائية تجاه الإسلام ومسلمي فرنسا، التي قد تؤدي إلى انحرافات وانزلاقات لا تحمد عقباها. وكل ما يتمناه أعضاء الجالية المسلمة من رجال الساسة الفرنسيين أن يتركوهم وشأنهم، وأن يصبوا اهتمامهم على القضايا التي تتعلق بفرنسا، كالأزمة الاقتصادية وقضية الأخلاق والبطالة والمستوى المعيشي لكل فرد يعيش على ترابها، بدل التركيز على مسائل تافهة كلباس “البوركيني” الذي لا يمت بأي صلة في الأصل إلى الديانة الإسلامية.هل يمكننا القول بأن المسؤولين السياسيين في فرنسا وقعوا في فخ “داعش”؟ نعم بالتأكيد، فهم يفرشون البساط الأحمر للعناصر التي تهتم بتجنيد الشباب الفرنسي ضمن الخلايا الجهادية من خلال هذه الخطابات العدائية المشتتة لأبناء فرنسا، وكل ما يحتاج إليه هؤلاء هو الاعتماد على حجج وبراهين كي تسهل مهمتهم في إقناع الشباب الهش وهذا ما هم بصدد فعله هؤلاء المسؤولون السياسيون، خاصة المرشحين لخوض عراك رئاسيات 2017 .     

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات