الجزائر: أزمة سلطان أم أزمة سلطة؟!

+ -

“.. إن تصريح 19 جوان 1965 الذي أمضاه العقيد بومدين، وزير الدفاع الوطني، باسم مجلس الثورة، يبرر الانقلاب بالتهم التالية: انحرافات أحمد بن بلة عن مبادئ ثورة نوفمبر 1954، تلك الانحرافات التي تعرقل السير العادي للمؤسسات والتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تحتاج إليها الجزائر المستقلة بصفة مستعجلة، هذه الانحرافات الخطيرة النرجسية السياسية والحب الحقير للسلطة (السلطة الشخصية) والخلط بين السلطات وسوء التسيير للأملاك العمومية الوطنية، والديماغوجية والفوضوية والمساومة والكذب والارتجال”.هذه الفقرة وردت في مذكرات الدكتور بوعلام بن حمودة في كتابه المعنون بـ”دروس الحياة” صفحة 164، فهل كان بن حمودة يكتب عن معايشته لـ19 جوان 1965، أم يكتب عن معايشته لما يحدث في البلاد في 19 أوت 2017؟ أترك لكم الجواب، فقط أقول إن الدكتور بوعلام بن حمودة كان عضوا في المجلس التأسيسي الذي انتخب أعضاؤه لوضع دستور للبلاد سنة 1963، ولكن الذي حصل أن الدستور صيغ في سينما الماجيستك من طرف أناس لا علاقة لهم بمن انتخب في المجلس التأسيسي تماما، مثلما تم إعداد الدستور الحالي من طرف أناس لا علاقة لهم بالقانون أو النيابة عن الشعب، والدكتور بن حمودة هو أيضا من ترأس المؤتمر الرابع لجبهة التحرير الوطني، إثر وفاة المرحوم بومدين في 1979، ولعله كان من بين الذين أعادوا الأفالان إلى السكة بعد أن جمدت 10 سنوات كاملة في عهد بومدين، وتم العبث بهياكلها ومؤسساتها السياسية تماما مثلما فُعل بالأفالان في السنوات الأخيرة حين أصبحت مضحكة سياسية بواسطة العبث بقياداتها.لست أدري إن كان الدكتور بن حمودة ماتزال به بقايا صحة ليقوم بدور إنقاذ الجزائر مما هي فيه، فهو الرجل الكفء جهادا ونضالا وسياسة وقانونا وتسييرا، بالإضافة إلى نظافته، فلم نسمع يوما أنه تورّط في قضية مشبوهة، أتذكر أنه سنة 1996، عندما قرر الجيش إبعاد المرحوم مهري من على رأس الأفالان، وكلف المرحوم الجنرال إسماعيل العماري بترتيب ما سمي لاحقا بالمؤامرة العلمية في الأفالان ضد مهري، وعلمت بأمر الإعداد للإطاحة بمهري قبل حدوثها، فذهبت إلى مهري لأبلغه بالأمر، فوجدته على علم بذلك، وقال لي لا تكتب عن القضية، فقد قررت أن أنسحب، وهذه مناسبة لذلك، لأن الإخوان في الجيش يعتقدون أن موقف الأفالان الحالي من الأحداث السياسية الحاصلة في البلاد هي أمور مرتبطة بشخصي، في حين أن هذا وجد في الأفالان قبلي وسيبقى بعدي.وبعد ذلك بيوم وجدت النقيب حمزة المكلف بمتابعة شؤون الصحافة في مصلحة (D.R.S) يتصل بي ليستطلع رأيي في من أراه صالحا لخلافة مهري عند إزاحته ولا تحدث مشاكل في الأفالان، باعتباري من الصحافيين العارفين بخبايا الأفالان، فقلت له لا أرى غير الدكتور بن حمودة للقيام بهذه المهمة.. وقد كتبت هذا الكلام في جريدة “الشروق” حينها، واليوم أقول أيضا إنني لا أرى شخصا يمكن أن يقدم خدمة للبلاد لإنقاذها مما هي فيه غير الدكتور بن حمودة.

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات