+ -

أعاب عليّ أحد القراء ما سماه الإساءة إلى النظام الإعلامي الجيد الذي كان سائدا في عهد “البرّاح”، من خلال تشبيهه بالإعلام البائس الحاصل اليوم.“البرّاح” في عهد الاستعمار كان يعيّن بقرار من الحاكم مباشرة، والمعلومات التي يبرّح بها للناس في الأسواق معلومات صحيحة ولا تقبل التكذيب أو الطعن فيها، ولا يمكن أن ينقلها غيره من السلطة التي هي الحاكم إلى الناس.. ولم نشاهد أو نسمع وقتها بأن الجندرمة أو “الڤراد” أو حتى الشرطة اعتقلت “براّحا” لأنه نشر أخبارا مزيفة أو غير صحيحة بين الناس! ولم نسمع بأن “برّاحا” أخفى على الناس خبرا كلّف بإبلاغه إلى الناس ولم يفعل، كما يحدث اليوم مع “برّاح” العصر الذي هو رجل الإعلام!ولم نسمع أبدا أن برّاحا نشر بين الناس أخبارا تخدش الحياء العام أو تسيئ إلى الآداب العامة، أو لا تحترم أخلاق وقيم المجتمع، كما يحدث اليوم في وسائل الإعلام..ولم نسمع أبدا أن برّاحا “شنطج” مواطنا أو حاكما بتبريحة تمس عرضه أو سلوكه أو ممارساته، كما تفعل اليوم الصحف والقنوات الخاصة بالمسؤولين والمواطنين والمؤسسات، حيث “تشنطجها” بالتشهير بها إذا لم تسخ عليها بالإعلانات والعطاءات؟!هل سمعتم أن غنيا اشترى برّاحا ليبرّح له في السوق مادحا له ولخصاله كما تفعل القنوات اليوم للمسؤولين وأصحاب المال؟!البرّاح كان يحمل قيم المجتمع الرفيعة، فهو الذي يعلن عن بدء شهر رمضان، وهو الذي يعلن عن العيد، وهو .الذي يعلن عن إقامة الأفراح للناس، وهو الذي يعلن عن الوفاة والجنائز!لهذا يعيّن الحاكم البرّاح في الأسواق بقرار لا يقبل الطعن، بعد النظر في أهليته لأداء الوظيفة من حيث صلاحية صوته وصحته في الركض في الأسواق، وسمعته بين الناس التي لا يمكن أن تكون مخدشة بأي شائبة.. البرّاح في ذلك الزمن لا يحتاج إلى بطاقة “ڤرين كارت” التي أصدرها وزير الإعلام الأسبق “بالوجوه” للصحافيين و”الشوافرة” وعاملات النظافة؟!لهذا وجب عليّ أن اعتذر للبرّاح على تشبيهه بوسائل الإعلام اليوم، لأن في ذلك مساسا بسمعة البرّاح النقية.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات