+ -

في السبعينات والتسعينات من القرن الماضي، كانت شعوب أمريكا اللاتينية تتبرك بالمناضلين والثوار الجزائريين لارتفاع منسوب الحرية لديهم، وكانوا يعتبرون الجزائر والجزائريين حالة متقدمة للحرية في العالم الثالث.ويرجع بعضهم هذا التقدم إلى عاملين اثنين: الأول هو احتكاك النخب الجزائرية بقيم الثورة الفرنسية في إعلاء قيم الحرية والمساواة بين البشر، والثاني هو عمق علاقة الشعب الجزائري بالقيم الأصلية للإسلام وما يحمله من قداسة وتمجيد لقيم الحرية والأخوة بين بني البشر..لهذا كانت الجزائر يطلق عليها قبلة الثوار، يشد لها الرحال من الشيلي ومن بوليفيا ومن جنوب إفريقيا ومن غينيا بيساو وأنغولا والكونغو وغيرها من البلدان التي تقتفي أثر الحرية.الجزائر اختطفت طائرة قاتل الزعيم باتريس لومومبا الكونغولي، العميل تشومبي، في سماء الجزائر، وهي تعبر الجزائر في طريقها إلى فرنسا، وسجن تشومبي في الجزائر حتى مات فيها ولم يطلق سراحه!أميلكار كابرال، زعيم الحرية في غينيا بيساو، قال إنه عندما يزور الجزائر يحس بأنه يزور المكان المقدس للحرية.. والزعيم مانديلا قال إنه تعلم الحرية في الجزائر! فماذا حدث لهذه البلاد حتى تنتكس هذه النكسة وتصبح مثالا للتزوير للإرادة الشعبية والاعتداء على الحقوق؟! هل لأن الشعب الجزائري الثائر الحر قد خمد بركانه لأنه احتك بالشعوب العربية الخامدة والهامدة منذ مطلع القرن الماضي.. أم أن الأمر له علاقة برداءة النخب وميل الشباب إلى اللهو والطرب.. وصدق الشاعر الذي قال يرثي حالنا نحن العرب:شعوب تشبه الدببةفماذا يفعل الأدبحمير تبدو كالبشرهنيئا لمن ركبهل الجهل الذي فرضه الاستعمار على الجزائريين هو الذي ساهم في صيانة الحرية على طريقة إيمان العجائز؟! أم أن التعليم الذي انتشر هو الذي أحدث هذا الخنوع العام للسكان ونزع منهم الثورية والحرية والرجولة، فأصبح الشعب قابلا للركوب..

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات