الوزير الجزائري يساوي نصف قنطار من اللحم!

+ -

الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها الجزائر أزمة غير تقليدية، فهي أزمة ثلاثية الأبعاد.. بُعد سياسي يتعلق بفقدان الحكم للشرعية، وبُعد معرفي يتعلق برداءة الحكام وعجزهم عن فهم الأزمة وطرائق حلها.. وأزمة اقتصادية لها جوانب الصفة العالمية. نعم.. الأزمة الاقتصادية تعصف ببلدان أخرى، لكن البلدان الأخرى ليست كالجزائر تعرف أزمة شرعية ورداءة للحكم حادة جدا. أمريكا عرفت أزمة اقتصادية حادة، لكن لم يكن الحديث عن شرعية الحكام، لأن الشعب اختارهم بكل حرية، ولذلك واجه الحكام الأزمة بإصلاحات حادة وجدية أنهت الأزمة في ظرف سنوات (حالة أوباما والأزمة المالية الأمريكية).واضح أن مواجهة الأزمة في الجزائر بنجاعة لا تكون بهذه الوسائل غير التقليدية التي لجأت إليها الحكومة، مثل طبع الأوراق النقدية لتغطية العجز المالي في الميزانية.. المواجهة الناجعة تكون برجال غير تقليديين وليس برجال هم من تسبب في هذه الأزمة بالأساس!هل يعقل أن من كان سببا في الأزمة يمكن أن يوفق في إيجاد حل لها؟!هؤلاء الذين لم يحسنوا تسيير البلد عندما كانت البلاد تعيش بحبوحة مالية، هل باستطاعتهم اليوم أن يسيروا الفقر والعوز والحاجة!المعارضة النزيهة والرجال الشرفاء كانوا يقولون لرجال الحكم أنتم ستذهبون إلى الحائط بسياستكم هذه، وهذا منذ عشرية كاملة، ولكن رداءة رجال السلطة وقصر نظرهم جعلهم يعتمدون على العائدات السهلة للبترول ولم يباشروا إصلاحات اقتصادية تبني فعلا الاقتصاد، فحدث ما كان متوقعا.. وعوض أن ينسحب هؤلاء غير مأسوف عليهم راحوا يبشرون البلد بإصلاحات غير تقليدية هي غاية في السوء على المدى القريب، ففي ظرف ستة أشهر وبسبب هذه الإصلاحات سيصل سعر الخبزة إلى 100 دينار، وسعر كلغ من اللحم إلى 10 آلاف دينار، وسيصبح النائب البرلماني يساوي 30 كلغ من اللحم، والوزير سعره الشهري يساوي نصف قنطار من اللحم!الإصلاح الحقيقي الذي يقبله الشعب ليس طبع الأوراق النقدية من طرف الحكومة، بل الإصلاح هو إبعاد كل من تسبب في هذه الأزمة من قريب أو من بعيد، من رجالات الحكم، بل ومتابعتهم قضائيا ومصادرة أملاكهم في الداخل والخارج.. إجراء كهذا هو وحده الذي يمكن أن يجعل الشعب يتحمل وقع هذه الكارثة! لا بد من محاسبة هؤلاء الذين جعلوا من برنامج الرئيس أطلالا وليس إنجازات، ومن يريد رؤية الكارثة في صورتها المجسدة عليه أن يزور الطريق السيار شرق - غرب بين الذرعان والحدود التونسية، حيث سيشاهد الطريق بأعمدته الخاصة بالجسور وكأنه أطلال الآثار الرومانية في تيمڤاد أو تيبازة! هذا هو ناتج الفكر الاقتصادي لرجال حكم يتمتعون برداءة عالية.

 

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات