الهوية تحوّل الجزائر إلى أمم متحدة جزائرية؟!

+ -

في الوقت الذي تهتز فيه منطقة القبائل بسبب مسألة اللغة الأمازيغية وتمكينها من الوطنية والرسمية على أرض الواقع، في هذا الوقت يقوم المجلس الأعلى للغة العربية (وهو مؤسسة تابعة لرئاسة الجمهورية) يقوم بالاحتفال باليوم الوطني للغة العربية في الجزائر! والمصيبة أن رئيس المجلس الأعلى للغة العربية قرر الاحتفال بهذه المناسبة في المدرسة التابعة للسفارة السعودية بالجزائر، وتحت إشراف الملحق الثقافي السعودي في السفارة! وطبعت بطاقات الدعوات التي وجهت للشخصيات باسم رئاسة الجمهورية والمجلس الأعلى للغة العربية والملحق الثقافي للسفارة السعودية بالجزائر!كان الحفل مقررا تنظيمه يوم 14 ديسمبر الجاري، وعلمت رئاسة الجمهورية والوزارة الأولى بالموضوع يوم 13 ديسمبر، وهالهما ما يحدث! فكيف تحتفل مؤسسة تابعة لرئاسة الجمهورية باليوم الوطني للغة الرسمية في البلاد في سفارة أخرى، وتحت إشراف الملحق الثقافي السعودي؟! أي دبلوماسية وأي سيادة لهذه المؤسسة السيادية؟!وقامت الرئاسة بإعطاء أوامر صارمة للمسؤولين في المجلس الأعلى للغة العربية بإلغاء هذا الحفل وإعادة تنظيم الاحتفال في مؤسسة جزائرية وتحت إشراف السلطات الجزائرية وحدها!لكن رئيس المجلس الأعلى للغة العربية استجاب جزئيا لقرار الرئاسة، فلم يذهب هو إلى الحفل وأرسل بعض نوابه لحضوره، كما أرسل وزير أحد المديرين في وزارته لحضور الحفل! وقد ترأس الجميع الملحق الثقافي السعودي في الجزائر، وألقى في الحضور كلمة الاحتفال بيوم اللغة العربية في الجزائر باسم السعودية؟!قدمت لكم هذه الصورة البائسة كما حدثت في أهم مؤسسة وطنية لها علاقة بالأزمة اللغوية الحاصلة في البلاد! قدمت هذا ليس من باب الترف ولكن لأقول لكم، إذا كانت اللغة العربية في الجزائر هي شأن من شؤون سفارات دول الشرق الأوسط، واللغة الأمازيغية هي شأن من شؤون جهة واحدة من الوطن، والفرنسية هي شأن من شؤون المستعمر السابق للجزائر، فماذا بقي للجزائر كلغة تجتمع عليها الأمة؟!ورئيس تحرير “الخبر” على حق حين ذكّرنا بما قاله بومدين، رحمه الله، في السبعينات، وهو يرد على المطالب الترابية للمغرب وتونس لدى الجزائر فقال: “إمبراطور قرطاج يطالب بتبسة، وإمبراطور الرباط يطالب ببشار وتندوف.. فماذا حرر الشهداء من الجزائر إذن، ولماذا مات مليون ونصف مليون شهيد؟!”. الآن حولتنا أزمة الهوية اللغوية إلى أمة من دون لغة ومن دون هوية؟! أي بؤس نعيشه هذه الأيام؟! نحن نتجه بسرعة في خضم البحث عن الهوية اللغوية إلى أمم متحدة جزائرية؟!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات