البقية في حياتكم بالعام الهالك 2017!

+ -

ما لم تقله الصحف الوطنية ووسائل الإعلام الأخرى، وهي تحصي إنجازات البلد وأحداثها في سنة 2017، هو أننا انتقلنا إلى دبلوماسية المقابر! وأن الجنائز تحولت إلى مؤتمرات سياسية تتخذ فيها القرارات الحاسمة، كتغيير الحكومات واتخاذ القرارات المصيرية في الاقتصاد والسياسة!الشيء الجميل في قرارات المقابر هو أن المؤتمرين يتخذون القرار وهم أمام حفرة قبر راحل.. ولذلك تكون أغلب القرارات المتخذة في هذا الجو هي الدفع بالبلاد نحو حفرة أشد قتامة من حفرة القبر الذي تتخذ على أطرافه مثل هذه القرارات!ما أجمل الصورة أن تضحك على الميت وأنت تدفنه، وفي نفس الوقت تتخذ قرارات تخص الحياة وأنت تتذكر الموت؟!في عهد الحزب الواحد كانت وسائل الإعلام تنشر الإنجازات التي تتحقق في الميدان خلال العام الراحل، وفي نفس الوقت ترسم الصورة لما يمكن أن تكون عليه السنة القادمة في مجال البناء والتشييد... لكن الآن أصبحنا نحصي كم جنازة سرنا فيها واتخذنا فيها قرارات جنائزية الطابع حياتية المحتوى! أصبحنا نحصي كم حكومة شيعناها إلى مثواها الأخير، وكان القرار في العالية وليس في قصر المرادية أو قصر الشعب أو حتى “تاغارا”! ولا أتحدث عن البرلمان! نحن الآن ننتظر جنازة مهمة لنسمع قرارات مهمة.. لأن الناس لا تستطيع أن تلتقي في غير الجنازة، وتتحدث في السياسة، لأن حالة الطوارئ غير المعلنة تمنع أي تجمع إلا في المقابر! حتى أجنحة السلطة المتصارعة حول السلطة وحول القرارات لا يمكنها الاجتماع واتخاذ القرار المناسب لها إلا في المقابر! لهذا نشط إعلام الجنائز الذي يساهم في تشييع جنازة الجزائر إلى مثواها الأخير بالتقسيط المريح! فأصبحنا لا تهزنا مظاهر حمل مجموعة من الشباب لعلم غير العلم الوطني في المظاهرات.. ولا نعالج الموقف بقرارات، بل نعالجه بإعطاء هؤلاء عطلة مدفوعة الأجر! ثم نتغنى بأن ذلك إنجاز تاريخي يعزز الوحدة الوطنية.. وهو في الحقيقة لا يختلف في محتواه وآثاره عن قرارات المقابر في قبر الحلم الوطني في بناء دولة الشرعية ودولة العدل والحق والقانون، دولة وطنية لا تزول بزوال الجثث السياسية المحنطة في كراسي السلطة منذ 60 سنة؟! إنني تعبان وأحتاج إلى حضور جنازة[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات